كتاب أداب الألفة والأخوة والصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق

Iḥyāʾ ʿulūm al-dīn

وهو الكتاب الخامس من ربع العادات الثاني من كتب إحياء علوم الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 الحمد لله الذي غمر صفوة عباده بلطائف التخصيص طولا وامتنانا وألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا ونزع الغل من صدورهم فظلوا في الدنيا أصدقاء وأخدانا وفي الآخرة رفقاء وخلانا والصلاة والسلام على محمد المصطفى وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه واقتدوا به قولا وفعلا وعدلا وإحسانا أما بعد فإن التحاب في الله تعالى والأخوة في دينه من أفضل القربات وألطف ما يستفاد من الطاعات في مجاري العادات ولها شروط بها يلتحق المتصاحبون بالمتحابين في الله تعالى وفيها حقوق بمراعاتها تصفو الأخوة عن شوائب الكدورات ونزغات الشيطان فبالقيام بحقوقها يتقرب إلى الله زلفى وبالمحافظة عليها تنال الدرجات العلى ونحن نبين مقاصد هذا الكتاب في ثلاثة أبواب الباب الأول في فضيلة الألفة والأخوة في الله تعالى وشروطها ودرجاتها وفوائدها الباب الثاني في حقوق الصحبة وآدابها وحقيقتها ولوازمها الباب الثالث في حق المسلم والرحم والجوار والملك وكيفية المعاشرة مع من قد بلى بهذه الأسباب الباب الأول في فضيلة الألفة والأخوة وفي شروطها ودرجاتها وفوائدها فضيلة الألفة والأخوة أعلم أن الألفة ثمرة حسن الخلق والتفرق ثمرة سوء الخلق فحسن الخلق يوجب التحاب والتآلف والتوافق وسوء الخلق يثمر التباغض والتحاسد والتدابر ومهما كان المثمر محمودا كانت الثمرة محمودة وحسن الخلق لا تخفى في الدين فضيلته وهو الذي مدح الله سبحانه به نبيه عليه السلام إذ قال وإنك لعلى خلق عظيم وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق حديث أول ما يدخل الجنة تقوى الله وحسن الخلق أخرجه الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإسناد وقد تقدم وقال أسامة بن شريك قلنا يا رسول الله ما خير ما أعطى الإنسان فقال خلق حسن حديث أسامة بن شريك يا رسول الله ما خير ما أعطى الإنسان قال خلق حسن أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح وقال صلى الله عليه وسلم بعثت لأتمم محاسن الأخلاق حديث بعثت لأتمم مكارم الأخلاق رواه أحمد والبيهقي والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم أثقل ما يوضع في الميزان خلق حسن حديث أثقل ما يوضع في الميزان خلق حسن رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي الدرداء وقال حسن صحيح وقال صلى الله عليه وسلم ما حسن الله خلق امريء وخلقه فيطعمه النار حديث ما حسن الله خلق امريء وخلقه فتطعمه النار أخرجه ابن عدي والطبراني في مكارم الأخلاق وفي الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة قال ابن عدي في إسناده بعض النكرة وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة عليك بحسن الخلق قال أبو هريرة رضي الله عنه وما حسن الخلق يا رسول الله قال تصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك حيث يا أبا هريرة عليك بحسن الخلق قال وما حسن الخلق قال تصل من قطعك وتعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك رواه البيهقي في الشعب من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه ولا يخفي أن ثمرة الخلق الحسن الألفة و انقطاع الوحشة ومهما طاب المثمر طابت الثمرة وكيف و قد ورد في الثناء على نفس الألفة سيما إذا كانت الرابطة هي التقوى و الدين وحب الله من الآيات و الأخبار و الآثار ما فيه كفاية ومقنع قال الله تعالى مظهرا عظيم منته على الخلق بنعمة الألفة لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم وقال فأصبحتم بنعمته إخوانا أي بالألفة ثم ذم التفرقة وزجر عنها فقال عز من قائل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا إلى لعلكم تهتدون وقال صلى الله عليه وسلم إن أقربكم مني مجلسا أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون حديث إن أقربكم مني مجلسا أحاسنكم أخلاقا الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون رواه الطبراني في مكارم الأخلاق من حديث جابر بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم المؤمن إلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف حديث و المؤمن إلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف رواه أحمد والطبراني من حديث سهل بن سعد و الحاكم من حديث أبي هريرة وصححه وقال صلى الله عليه وسلم في الثناء على الاخوة في الدين من أراد الله به خيرا رزقه خليلا صالحا إن نسى ذكره وان ذكر أعانه حديث من أراد الله به خيرا رزقه أخا صالحا أن نسي ذكره وان ذكر أعانه غريب بهذا اللفظ و المعروف أن ذلك في الأمير ورواه أبو داود من حديث عائشة إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسى ذكره و إن ذكر أعانه الحديث ضعفه ابن عدي ولأبي عبد الرحمن السلمى في آداب الصحبة من حديث على من سعادة المرء أن يكون إخوانه صالحين وقال صلى الله عليه وسلم مثل الأخوين إذ التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى وما التقي مؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيرا حديث مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحدهما الأخرى الحديث رواه السلمى في آداب الصحبة وأبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث انس وفيه احمد بن محمد بن غالب الباهلي كذاب وهو من قول سلمان الفارسي في الأول من الحزبيات وقال عليه السلام في الترغيب في الأخوة في الله من آخي أخا في الله رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله حديث من آخى أخا في الله عز وجل رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشيء من عمله أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان من حديث أنس ما احدث عبد أخا في الله إلا احدث الله له درجة في الجنة وإسناده ضعيف وقال أبو إدريس الخولاني لمعاذ إني أحبك في الله فقال له أبشر ثم أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ينصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة وجوههم كالقمر ليلة البدر يفزع الناس وهم لا يفزعون ويخاف الناس وهم لا يخافون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون فقيل من هؤلاء يا رسول الله فقال هم المتحابون في الله تعالى حديث قال أبو إدريس الخولاني لمعاذ أني احبك في الله فقال أبشر ثم أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تنصب لطائفة من الناس كراسي حول العرش يوم القيامة الحديث أخرجه أحمد و الحاكم في حديث طويل أن أبا إدريس قال قلت و الله إني لأحبك في الله قال فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن المتحابين بجلال الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وهو عند الترمذي من رواية أبي مسلم الخولاني عن معاذ بلفظ المتحابون في جلالى لهم منابر من نور يغبطهم النبيون و الشهداء قال حديث حسن صحيح ولأحمد من حديث أبي مالك ألاشعري أن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء و الشهداء على منازلهم وقربهم من الله الحديث وفيه تحابوا في الله وتصافوا به يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فتجعل وجوههم نورا وثيابهم نورا يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وفيه شهر بن حوشب مختلف فيه ورواه أبو هريرة رضي الله عنه و قال فيه أن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نورا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون و الشهداء فقالوا يا رسول الله صفهم لنا فقال هم المتحابون في الله و المتجالسون في الله و المتزاورون في الله حديث أبي هريرة إن حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نورا ليسوا بأنبياء ولا شهداء الحديث أخرجه النسائي في سننه الكبرى و رجاله ثقات وقال صلى الله عليه وسلم ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه حديث ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهم إلى الله أشدهما حبا لصاحبه أخرجه ابن حبان و الحاكم من حديث أنس و قال صحيح الإسناد ويقال أن الأخوين في الله إذا كان أحدهما أعلى مقاما من الآخر رفع الآخر معه إلى مقامه وانه يلتحق به كما تلتحق الذرية بالأبوين و الأهل بعضهم ببعض لان الأخوة إذا اكتسبت في الله لم تكن دون أخوة الولادة قال عز وجل ألحقنا بهم ذرياتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء وقال صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلى وحقت محبتي للذين يتحابون من أجلي وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي حديث إن الله يقول حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي وحقت محبتي للذين يتحابون من أجلي الحديث أخرجه احمد من حديث عمرو بن عبسة وحديث عبادة بن الصامت ورواه الحاكم وصححه وقال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي حديث أن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي أخرجه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه متعلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال إني أخاف الله تعالى ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه حديث أبي هريرة سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم ما زار رجل رجلا في الله شوقا إليه ورغبة في لقائه إلا ناداه ملك من خلقه طبت وطاب ممشاك وطابت لك الجنة حديث ما زار رجل رجلا في الله شوقا إليه ورغبة في لقائه إلا ناداه ملك من خلفه طبت وطابت لك الجنة أخرجه ابن عدي من حديث أنس دون قوله شوقا إليه ورغبة في لقائه وللترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة من عاد مريضا أو زار أخا في الله ناداه مناد من السماء طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا قال الترمذي غريب وقال صلى الله عليه وسلم إن رجلا زار أخا له في الله فأرصد الله له ملكا فقال أين تريد قال أريد أن أزور أخي فلانا فقال لحاجة لك عنده قال لا قال لقرابة بينك وبينه قال لا قال فبنعمة له عندك قال لا قال فبم قال أحبه في الله قال فإن الله أرسلني إليك يخبرك بأنه يحبك لحبك إياه وقد أوجب لك الجنة حديث أن رجلا زار أخا له في الله فأرصد الله له ملكا فقال أين تريد الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم أوثق عرى الإيمان الحب في الله و البغض في الله حديث أوثق عرى الإيمان الحب في الله و البغض في الله رواه أحمد من حديث البراء بن عازب وفيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه و الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود بسند ضعيف فلهذا يجب أن يكون للرجل أعداء يبغضهم في الله كما يكون له أصدقاء وإخوان يحبهم في الله ويروي أن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء أما زهدك في الدنيا فقد تعجلت الراحة وأما انقطاعك إلى فقد تعززت بي ولكن هل عاديت في عدوا أو هل و اليت في وليا وقال صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل لفاجر علي منة فترزقه مني محبة حديث اللهم لا تجعل لفاجر علي منة الحديث تقدم في الكتاب الذي قبله ويروى أن الله تعالى أوحى إلى عيسى عليه السلام لو أنك عبدتني بعبادة أهل السموات و الأرض وحب في الله ليس وبغض في الله ليس ما أغنى عنك ذلك شيئا وقال عيسى عليه السلام تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا إلى الله بالتباعد منهم والتمسوا رضا الله بسخطهم قالوا يا روح الله فمن نجالس قال جالسوا من تذكركم الله رؤيته ومن يزيد في عملكم كلامه ومن يرعبكم في الآخرة عمله وروى في الأخبار السالفة أن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام يا ابن عمران كن يقظانا وارتد لنفسك إخوانا وكل خدن وصاحب لا يوازرك على مسرتي فهو لك عدو وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام فقال يا داود مالي أراك منتبذا وحيدا قال إلهي قليت الخلق من أجلك فقال يا داود كن يقظانا وارتد لنفسك أخدانا وكل خدن لا يوافقك على مسرتي فلا تصاحبه فإنه لك عدو يقسي قلبك ويباعدك مني وفي أخبار داود عليه السلام انه قال يا رب كيف لي أن يحبني الناس كلهم وأسلم فيما بيني وبينك قال خالق الناس بأخلاقهم وأحسن فيما بيني وبينك وفي بعضها خالق أهل الدنيا بأخلاق الدنيا وخالق أهل الآخرة بأخلاق الآخرة و قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أحبكم إلى الله الذين يألفون ويؤلفون وإن أبغضكم إلى الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الإخوان حديث أن أحبكم إلى الله الذين يألفون الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط و الصغير من حديث أبي هريرة بسند ضعيف و قال صلى الله عليه وسلم إن الله ملكا نصفه من النار ونصفه من الثلج يقول اللهم كما ألفت بين الثلج و النار كذلك ألف بين قلوب عبادك الصالحين حديث إن لله ملكا نصفه من النار ونصفه من الثلج يقول اللهم كما ألفت بين الثلج و النار كذلك ألف بين قلوب عبادك الصالحين رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب العظمة من حديث معاذ بن جبل و العرباض بن سارية بسند ضعيف وقال أيضا ما أحدث عبد أخا في الله إلا أحدث له درجة في الجنة حديث ما أحدث عبد أخا في الله تعالى إلا أحدث الله له درجة في الجنة أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان من حديث أنس وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم المتحابون في الله على عمود من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة يشرفون على أهل الجنة يضيء حسنهم لأهل الجنة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا فيقول أهل الجنة انطلقوا بنا ننظر إلى المتحابين في الله فيضيء حسنهم لأهل الجنة كما تضيء الشمس عليهم ثياب سندس خضر مكتوب على جباههم المتحابون في الله حديث المتحابون في الله على عمود من ياقوتة حمراء في رأس العمود سبعون ألف غرفة الحديث رواه الحكيم الترمذي في النوادر من حديث ابن مسعود بسند ضعيف الآثار قال علي رضي الله عنه عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا و الآخرة إلا تسمع إلى قول أهل النار فمالنا من شافعين ولا صديق حميم وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما و الله لو صمت النهار لا أفطره وقمت الليل لا أنامه وأنفقت مالي غلقا غلقا في سبيل الله أموت يوم أموت وليس في قلبي حب لأهل طاعة الله وبغض لأهل معصية الله ما نفعني ذلك شيئا وقال ابن السماك عند موته اللهم إنك تعلم أني إذا كنت أعصيك كنت أحب من يطيعك فاجعل ذلك قربة لي إليك وقال الحسن على ضده يا ابن آدم لا يغرنك قول من يقول المرء مع من أحب فإنك لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم فإن اليهود و النصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم وهذه إشارة إلى أن مجرد ذلك من غير موافقة في بعض الأعمال أو كلها لا ينفع وقال الفضيل في بعض كلامه هاه تريد أن تسكن الفردوس وتجاور الرحمن في داره مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين بأي عمل عملته بأي شهوة تركتها بأي غيظ كظمته بأي رحم قاطع وصلتها بأي زلة لأخيك غفرتها بأي قريب باعدته في الله بأي بعيد قاربته في الله ويروى أن الله تعالى أوحى إلي موسى عليه السلام هل عملت لي عملا قط فقال إلهي إني صليت لك وصمت وتصدقت وزكيت فقال أن الصلاة لك برهان و الصوم جنة و الصدقة ظل و الزكاة نور فأي عمل عملت لي قال يا موسى إلهي دلني على عمل هو لك قال موسى هل واليت لي وليا قط وهل عاديت في عدوا قط فعلم موسى أن أفضل الأعمال الحب في الله و البغض في الله و قال ابن مسعود رضي الله عنه لو أن رجلا قام بين الركن و المقام يبعد الله سبعين سنة لبعثه الله يوم القيامة مع من يحب وقال الحسن رضي الله عنه مصارمة الفاسق قربان إلى الله وقال رجل لمحمد بن واسع إني لأحبك في الله فقال أحبك ما الذي أحببتني له ثم حول وجهه و قال اللهم أني أعوذ بك أن أحب فيك وأنت لي مبغض ودخل رجل على داود الطائي فقال له ما حاجتك فقال زيارتك فقال أما أنت فقد عملت خيرا حين زرت ولكن انظر ماذا ينزل بي أنا إذا قيل لي من أنت فتزار أمن الزهاد أنت لا و الله أمن العباد أنت لا و الله أمن الصالحين أنت لا و الله ثم اقبل يوبخ نفسه ويقول كنت في الشبيبه فاسقا فلما شخت صرت مرائيا و الله للمرائي شر من الفاسق وقال عمر رضي الله عنه إذا أصاب أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك وقال مجاهد المتحابون في الله إذا التقوا فكشر بعضهم إلى بعض تتحات عنهم الخطايا كما يتحات ورق الشجر في الشتاء إذا يبس وقال الفضيل نظر الرجل إلى وجه أخيه على المودة و الرحمة عبادة بيان معنى الأخوة في الله وتمييزها من الأخوة في الدنيا اعلم أن الحب في الله والبغض في الله غامض وينكشف الغطاء عنه نما نذكره وهو أن الصحبة تنقسم إلى ما يقع بالاتفاق كالصحبة بسبب الجوار أو بسبب الاجتماع في المكتب أو في المدرسة أو في السوق أو على باب السلطان أو في الأسفار والى ما ينشأ اختيارا ويقصد وهو الذي نريد بيانه إذ الأخوة في الدين واقعة في هذا القسم لا محالة إذ لا ثواب إلا على الأفعال الاختيارية ولا ترغيب إلا فيها و الصحبة عبارة عن المجالسة و المجاورة وهذه الأمور لا يقصد الإنسان بها غيره إلا إذا أحبه فإن غير المحبوب يجتنب ويباعد ولا تقصد مخالطته والذي يحب فإما أن يحب لذاته لا ليتوصل به إلى محبوب ومقصود وراءه و إما أن يحب للتوصل به إلى مقصود وذلك المقصود إما أن يكون مقصورا على الدنيا وحظوظها وإما أن يكون متعلقا بالآخرة وإما أن يكون متعلقا بالله تعالى فهذه أربعة أقسام أما القسم الأول وهو حبك الإنسان لذاته فذلك ممكن وهو أن يكون في ذاته محبوبا عندك على معنى أنك تلتذ برؤيته ومعرفته ومشاهدة أخلاقه لاستحسانك له فإن كل جميل لذيذ في حق من أدرك جماله وكل لذيذ محبوب و اللذة تتبع الاستحسان و الاستحسان يتبع المناسبة و الملاءمة و الموافقة بين الطباع ثم ذلك المستحسن إما أن يكون هو الصورة الظاهرة أعني حسن الخلقة وإما أن يكون هو الصورة الباطنة أعنى كمال العقل وحسن الأخلاق ويتبع حسن الأخلاق حسن الأفعال لا محالة ويتبع كمال العقل غزارة العلم وكل ذلك مستحسن عند الطبع السليم و العقل المستقيم وكل مستحسن فمستلذ به ومحبوب بل في ائتلاف القلوب أمر أغمض من هذا فإنه قد تستحكم المودة بين شخصين من غير ملاحة في صورة ولا حسن في خلق وخلق ولكن لمناسبة توجب الألفة و الموافقة فإن شبه الشيء ينجذب إليه بالطبع والأشياء الباطنة خفية ولها أسباب دقيقة ليس في قوة البشر الاطلاع عليها عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حيث قال الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف حديث الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة و البخاري تعليقا من حديث عائشة فالتناكر نتيجة التباين و الائتلاف نتيجة التناسب الذي عبر عنه بالتعارف وفي بعض الألفاظ الأرواح جنود مجندة تلتقي فتتشام في الهواء حديث الأرواح تلتقي فتتشام في الهواء أخرجه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف من حديث علي إن الأرواح في الهواء جند مجندة تلتقي فتتشام الحديث وقد كنى بعض العلماء عن هذا بأن قال أن الله تعالى خلق الأرواح ففلق بعضها فلقا وأطافها حول العرش فأي روحين من فلقتين تعارفا هناك فالتقيا تواصلا في الدنيا و قال صلى الله عليه وسلم إن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط حديث أن أرواح المؤمنين ليلتقيان على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط أخرجه احمد من حديث عبد الله بن عمرو بلفظ نلتقي وقال أحدهم وفيه ابن لهيعة عن دراج وروي إن امرأة بمكة كانت تضحك تم تدقيق من قبل لبنى حسونه النساء وكانت بالمدينة أخرى فنزلت المكية على المدنية فدخلت على عائشة رضي الله عنها فأضحكتها فقالت أين نزلت فذكرت لها صاحبتها فقالت صدق الله ورسوله حديث إن امرأة بمكة كانت تضحك النساء وكانت بالمدينة أخرى فنزلت المكية على المدنية فدخلت على عائشة فذكرت حديث الأرواح جنود مجندة أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده بالقصة بسند حسن و حديث عائشة عند البخاري تعليقا مختصرا أخرجه البيهقي في شعب الإيمان موقوفا على ابن مسعود وذكره صاحب الفردوس من حديث معاذ بن جبل ولم يخرجه ولده في المسند سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الأرواح جنود مجندة الحديث و الحق في هذا أن المشاهدة و التجربة تشهد للائتلاف عند التناسب و التناسب في الطباع و الأخلاق باطنا وظاهر أمر مفهوم وأما الأسباب التي أوجبت تلك المناسبة فليس في قوة البشر الاطلاع عليها وغاية هذيان المنجم أن يقول إذا كان طالعه على تسديس طالع غيره أو تثليلثه فهذا نظر الموافقة و المودة فتقضي التناسب و التواد وإذا كان على مقابلته أو تربيعه اقتضى التباغض و العداوة فهذا لو صدق بكونه كذلك في مجاري سنة الله في خلق السموات و الأرض لكن الإشكال فيه أكثر من الإشكال في أصل التناسب فلا معنى للخوض فيما لم يكشف سره للبشر فما أوتينا من العلم إلا قليلا ويكفينا في التصديق بذلك التجربة و المشاهدة فقد ورد الخبر به قال صلى الله عليه وسلم لو أن مؤمنا دخل إلى مجلس فيه مائة منافق واحد لجاء حتى يجلس إليه ولو أم منافقا دخل إلى مجلس فيه مائة ومؤمن ومنافق واحد لجاه حتى يجلس إليه وهذا يدل على أن شبه الشيء منجذب إليه بالطبع وإن كان هو لا يشعر به وكان مالك بن دينار يقول لا يتفق اثنان في عشرة إلا وفي أحدهما وصف من الآخر وإن أجناس الناس كأجناس الطير ولا يتفق نوعان من الطير في الطيران إلا وبينهما مناسبة قال فرأى يوما غرابا مع حمامة فعجب من ذلك فقال اتفقا وليسا من شكل واحد ثم طارا فإذا هما أعرجان فقال من ههنا اتفقا ولذلك قال بعض الحكماء كل إنسان يأنس إلى شكله كما أن كل طير يطير مع جنسه وإذا اصطحب اثنان برهة من زمان ولم يتشاكلا في الحال فلا بد أن يتفرقا وهذا معنى خفي تفطن له الشعراء حتى قال قائلهم وقائل كيف تفارقتما فقلت قولا فيه إنصاف لم يك من شكلي ففارقته و الناس أشكال و ألاف فقد ظهر من هذا أن الأنسان قد يحب لذاته لا لفائدة تنال منه في حال أو مآل بل لمجرد المجانسة و المناسبة في الطباع الباطنة و الأخلاق الخفية ويدخل في هذا القسم الحب للجمال إذا لم يكن المقصود قضاء الشهوة فإن الصور الجميلة مستلذة في عينها وإن قدر فقد أصل الشهوة حتى يستلذ النظر إلى الفواكه والأنوار والأزهار والتفاح المشرب بالحمرة وإلى الماء الجارى والخضرة من غير غرض سوى عينها وهذا الحب لا يدخل فيه الحب لله بل هو حب بالطبع وشهوة النفس ويتصور ذلك ممن لا يؤمن بالله إلا أنه أن اتصل به غرض مذموم صار مذموم كحب الصورة الجميلة لقضاء الشهوة حيث لا يحل قضاؤها وان لم يتصل به غرض مذموم فهو مباح لا يوصف بحمد ولا ذم إذا الحب إما محمود وإما مذموم وإما مباح لا يحمد ولا يذم القسم الثاني أن يحبه لينال من ذاته غير ذاته فيكون وسيلة إلى محبوب غيره و الوسيلة إلى المحبوب محبوب وما يجب لغيره كان ذلك الغير هو المحبوب بالحقيقة ولكن الطريق إلى المحبوب محبوب ولذلك أحب الناس الذهب والفضة ولا غرض فيهما إذ لا يطعم ولا يلبس ولكنهما وسيلة إلى المحبوبات فمن الناس من يحب كما يحب الذهب و الفضة من حيث أنه وسيلة إلى المقصود إذ يتوصل به إلى نيل جاه أو مال أو علم كما يحب الرجل سلطانا لانتفاعه بماله أو جاهه ويحب خواصه لتحسينهم حاله عنده وتمهيدهم أمره في قلبه فالمتوسل إليه إن كان مقصور الفائدة على الدنيا لم يكن حبه من جملة الحب في الله وان لم يكن مقصور الفائدة على الدنيا ولكنه ليس يقصد به إلا الدنيا كحب التلميذ لأستاذه فهو أيضا خارج عن الحب لله فإنه إنما يحبه ليحصل منه العلم لنفسه فمحبوبه العلم فإذا كان لا يقصد العلم للتقرب إلى الله بل لينال به الجاه و المال و القبول عند الخلق فمحبوبه الجاه والقبول والعلم وسيلة إليه و الأستاذ وسيلة إلى العلم فليس في شيء من ذلك حب لله إذ لا يتصور كل ذلك ممن لا يؤمن بالله تعالى أصلا ثم ينقسم هذا أيضا إلى مذموم ومباح فإن كان يقصد به التوصل إلى مقاصد مذمومة من قهر الأقران وحيازة أموال اليتامى وظلم الرعاة بولاية القضاء أو غيره كان كالحب مذموما وإن كان يقصد به التوصل إلى مباح وإنما تكتسب الوسيلة الحكم و الصفة من المقصد المتوصل إليه فإنها تابعة له غير قائمة بنفسها القسم الثالث أن يحبه لا لذاته بل لغيره وذلك الغير ليس راجعا إلى حظوظه في الدنيا بل يرجع إلى حظوظه في الآخرة فهذا أيضا ظاهر لا غموض فيه وذلك كمن يحب أستاذه وشيخه لأنه يتوصل به إلى تحصيل العلم وتحسين العمل و مقصوده من العلم و العمل الفوز في الآخرة فهذا من جملة المحبين في الله وكذلك من يحب تلميذه لأنه يتلقف منه العلم وينال بواسطته رتبة التعليم ويرقى به إلى درجة التعظيم في ملكوت السماء إذ قال عيسى صلى الله عليه وسلم من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء ولا يتم التعلم إلا بمتعلم فهو إذن آلة في تحصيل هذا الكمال فإن أحبه لأنه آلة له إذ جعل صدره مزرعة لحرثه الذي هو سبب ترقيه إلى رتبة التعظيم في ملكوت السماء فهو محب في الله بل الذي يتصدق بأمواله لله ويجمع الضيفان ويهي لهم الأطعمة اللذيذة الغريبة تقربا إلى الله فأجد طباخا لحسن صنعته في الطبخ فهو من جملة المحبين في الله وكذا لو أحب من يتولى له إيصال الصدقة إلى المستحقين فقد أحبه في الله بل تزيد على هذا ونقول إذا أحب من يخدمه بنفسه في غسل ثيابه وكنس بيته وطبخ طعامه ويفرغه بذلك للعلم أو العمل ومقصوده من استخدامه في هذه الأعمال الفراغ للعبادة فهو محب في الله بل نزيد عليه ونقول إذا أحب من ينفق عليه من ماله ويواسيه بكسوته وطعامه ومسكنه وجميع أغراضه التي يقصدها في دنياه ومقصوده من جملة ذلك الفراغ للعلم و العمل المقرب إلى الله فهو محب في الله فقد كان جماعة من السلف تكفل بكفايتهم جماعة من أولي الثروة وكان المواسي و المواسي جميعا من المتحابين في الله بل نزيد عليه ونقول من نكح امرأة صالحة ليتحصن بها عن وسواس الشيطان يصون بها دينه أو ليولد منها له ولد صالح يدعو له وأحب زوجته لأنها آلة إلى هذه المقاصد الدينية فهو محب في الله ولذلك وردت الأخبار بوفور الأجر و الثواب على الإنفاق على العيال حتى اللقمة يضعها الرجل في في امرأته حديث الأجر في الإنفاق على العيال حتى القمة يضعها الرجل في في امرأته تقدم بل نقول كل من استهتر بحب الله وحب رضاه وحب لقائه في الدار الآخرة فإذا أحب غيره كان محبا في الله لأنه لا يتصور أن يحب شيئا إلا لمناسبته لما هو محبوب عنده وهو رضا الله عز وجل بل أزيد على هذا وأقول إذا اجتمع في قبله محبتان محبة الله ومحبة الدنيا واجتمع في شخص واحد لمعنيان جميعا حتى صلح لأن يت وسل به إلى الله وإلى الدنيا فإذا أحبه لصلاحه للأمرين فهو من المحيين في الله كمن يحب أستاذه الذي يعلمه الدين ويكفيه مهمات الدنيا بالمواساة في المال فأحبه من حيث أن في طبعه طلب الراحة في الدنيا و السعادة في الآخرة فهو وسيلة إليهما فهو محب في الله وليس من شرط حب الله أن لا يحب في العاجل حظا ألبتة إذ الدعاء الذي أمر به الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه فيه جمع بين الدنيا و الآخرة ومن ذلك قولهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقال عيسى عليه السلام في دعائه اللهم لا تشمت بي عدوي ولا تسؤ بي صديقي ولا تجعل مصيبتي لديني ولا تجعل الدنيا أكبر همى فدفع شماتة الأعداء من حظوظ الدنيا ولم يقل ولا تجعل الدنيا أصلا من همى بل قال لا تجعلها أكبر همى وقال نبينا صلى الله عليه وسلم في دعائه اللهم إني أسألك رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة حديث اللهم إني أسألك رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس في الحديث الطويل في دعائه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الليل وقد تقدم وقال اللهم عافني من بلاء الدنيا وبلاء الآخرة حديث اللهم عافني من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة أخرجه أحمد من حديث بشر بن أبي أرطاة نحوه بسند جيد وعلى الجملة فإذا لم يكن حب السعادة في الآخرة مناقضا لحب الله تعالى فحب السلامة و الصحة و الكفاية و الكرامة في الدنيا كيف يكون مناقضا لحب الله و الدنيا و الآخرة عبارة عن حالتين إحداهما أقرب من الأخرى فكيف يتصور أن يحب الإنسان حظوظ نفسه غدا ولا يحبها اليوم وإنما يحبها غدا لأن الغد سيصير حالا راهنة فالحالة الراهنة لا بد إلا أن تكون مطلوبة أيضا إلا أن الحظوظ العاجلة منقسمة إلى ما يضاد حظوظ الآخرة ويمنع منها وهي التي احترز عنها الأنبياء و الأولياء وأمروا بالاحتراز عنها و إلى ما لا يضاد وهي التي لم يمتنعوا منها كالنكاح الصحيح وأكل الحلال وغير ذلك فما يضاد حظوظ الآخرة فحق العاقل أن يكرهه ولا يحبه أعني أن يكرهه بعقله لا بطبعه كما يكره التناول من طعام لذيذ لملك من الملوك يعلم أنه لو أقدم عليه لقطعت يده أو حزت رقبته لا بمعنى أن الطعام اللذيذ يصير بحيث لا يشتهيه بطبعه ولا يستلذه لو أكله فإن ذلك محال ولكن على معنى أنه يزجره عقله عن الإقدام عليه وتحصل فيه كراهة الضرر المتعلق به و المقصود من هذا أنه لو أحب أستاذه لأنه يواسيه ويعلمه أو تلميذه لأنه يتعلم منه ويخدمه وأحدهما حظ عاجل و الآخر آجل لكان في زمرة المتحابين في الله ولكن بشرط واحد وهو أن يكون بحيث لو منعه العلم مثلا أو تعذر عليه تحصيله منه لنقص حبه بسببه فالقدر الذي ينقص بسبب فقده هو لله تعالى وله على ذلك القدر ثواب الحب في الله وليس بمستنكر أن يشتد حبك لإنسان لجملة أغراض ترتبط لك به فإن امتنع بعضها نقص حبك وإن زاد زاد الحب فليس حبك الذهب كحبك للفضة إذا تساوى مقدارهما لأن الذهب يوصل إلى أغراض هي أكثر مما توصل إليه الفضة فإذن يزيد الحب بزيادة الغرض ولا يستحيل اجتماع الأغراض الدنيوية و الأخروية فهو داخل في جملة الحب لله وحده هو أن كل حب لولا الإيمان بالله و اليوم الآخر لم يتصور وجوده فهو حب في الله وكذلك كل زيادة في الحب لولا الإيمان بالله لم تكن تلك الزيادة فتلك الزيادة من الحب في الله فذلك وان دق فهو عزيز قال الجريري تعامل الناس في القرن الأول بالدين حتى رق الدين وتعاملوا في القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء وفي الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة ولم يبق إلا الرهبة و الرغبة القسم الرابع أن يحب لله وفي الله لا لينال منه علما أو عملا أو يتوسل به إلى أمر وراء ذاته وهذا أعلى الدرجات وهو أدقها وأغمضها وهذا القسم أيضا ممكن فإن من آثار غلبة الحب أن يتعدى من المحبوب إلى كل من يتعلق بالمحبوب ويناسبه ولو من بعد فمن أحب إنسانا حبا شديدا أحب محب ذلك الإنسان وأحب محبوبه وأحب من يخدم من يخدمه وأحب من يثنى عليه محبوبه وأحب من يتسارع إلى رضا محبوبه حتى قال بقية بن الوليد أن المؤمن إذا أحب المؤمن أحب كلبه وهو كما قال ويشهد له التجربة في أحوال العشاق ويدل عليه أشعار الشعراء ولذلك يحفظ ثوب المحبوب ويخفيه تذكرة من جهته ويحب منزله ومحلته وجيرانه حتى قال مجنون بني عامر أمر على الديار ديار للى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا فإذن المشاهدة و التجربة تدل على أن الحب يتعدى من ذات المحبوب إلى ما يحيط به ويتعلق بأسبابه ويناسبه ولو من بعد ولكن ذلك من خاصيه فرط المحبة فأصل المحبة لا يكفي فيه ويكون اتساع الحب في تعديه من المحبوب إلى ما يكتنفه و يحيط به ويتعلق بأسبابه بحسب إفراط المحبة وقوتها وكذلك حب الله سبحانه وتعالى إذا قوى وغلب على القلب واستولى عليه حتى انتهى إلى حد الاستهتار فيتعدى إلى كل موجود سواه فإن كل موجود سواه أثر من آثار قدرته ومن أحب إنسانا أحب صنعته وخطه وجميع أفعاله ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا حمل إليه باكورة من الفواكه مسح بها عينيه وأكرمها و قال انه قريب العهد بربنا حديث كان إذا حمل إليه باكورة من الفواكه مسح بها عينيه وأكرمها وقال إنها قريب عهد بربها أخرجه الطبراني في الصغير من حديث ابن عباس وأبو داود في المراسيل و البيهقي في الدعوات من حديث أبي هريرة دون قوله وأكرمها الخ وقال انه غير محظوظ وحديث أبي هريرة في الباكورة عند بقية أصحاب السنن دون مسح عينيه بها وما بعده و قال الترمذي حسن صحيح وحب الله تعالى تارة يكون لصدق الرجاء في مواعيده وما يتوقع في الآخرة من نعيمه وتارة لما سلف من أياديه وصنوف نعمته وتارة لذاته لا لأمر آخر وهو أدق ضرب المحبة و أعلاها وسيأتي تحقيقها في كتاب المحبة من ربع المنجيات إن شاء الله تعالى وكيفما اتفق حب الله فإذا قوى تعدى إلى كل متعلق به ضربا من التعلق حتى يتعدى إلى ما هو في نفسه مؤلم مكروه ولكن فرط الحب يضعف الإحساس بالألم و الفرح بفعل المحبوب وقصده إياه بالإيلام يغمر إدراك الألم وذلك كالفرح بضربة من المحبوب أو قرصة فيها نوع معاتبة فإن قوة المحبة تثير فرحا يغمر إدراك الألم فيه وقد انتهت محبة الله بقوم إلى أن قالوا لا نفرق بين البلاء و النعمة فإن الكل من الله ولا نفرح إلا بما فيه رضاه حتى قال بعضهم لا أريد أن أنال مغفرة الله بمعصية الله وقال سمنون وليس لي في سواك حظ فكيفما شئت فاختبرني وسيأتي تحقيق ذلك في كتاب المحبة و المقصود أن أحب الله إذ قوي أثمر حب كل من يقوم بحق عبادة الله في علم أو عمل وأثمر حب كل من فيه صفة مرضية عند الله من خلق حسن أو تأدب بآداب الشرع وما من محب للآخرة ومحب لله إلا إذا أخبر عن حال رجلين أحدهما عالم عابد و الآخرة جاهل فاسق إلا وجد في نفسه ميلا إلى العالم العابد ثم يضعف ذلك الميل ويقوى بحسب ضعف إيمانه وقوته وبحسب ضعف حبه لله وقوته وهذا الميل حاصل وإن كانا غائبين عنه بحيث يعلم أنه لا يصيبه منهما خير ولا شر في الدنيا ولا في الآخرة فذلك الميل هو حب في الله ولله من غير حظ فإنه إنما يحبه لأن الله يحبه ولأنه مرضي عند الله تعالى ولأنه يحب الله تعالى ولأنه مشغول بعبادة الله تعالى إلا انه إذا ضعف لم يظهر أثر ولا يظهر به ثواب و لا أجر فإذا قوى حمل على الموالاة و النصرة و الذب بالنفس و المال و اللسان وتتفاوت الناس فيه بحسب تفاوتهم في حب الله عز وجل ولو كان الحب مقصورا على حظ ينال من المحبوب في الحال أو المآل لما تصور حب الموتى من العلماء و العباد ومن الصحابة و التابعين بل من الأنبياء المنقرضين صلوات الله عليهم وسلامه وحب جميعهم مكنون في قلب كل مسلم متدين ويتبين ذلك بغضبه عند طعن أعدائهم في واحد منهم ويفرحه عند الثناء عليهم وذكر محاسنهم وكل ذلك حب لله لأنهم خواص عباد الله ومن أحب ملكا أو شخصا جميلا أحب خواصه وخدمه وأحب من أحبه إلا أنه يمتحن الحب بالمقابلة بحظوظ النفس وقد يغلب بحيث لا يبقي لنفس حظ إلا فيما هو حظ المحبوب وعنه عبر قول من قال أريد وصاله ويريد هجري فأترك ما أريد لما يريد وقول من قال وما لجرح إذا أرضاكم ألم وقد يكون الحب بحيث يترك به بعض الحظوظ دون بعض كمن تسمح نفسه بأن يشاطر محبوبه في نصف ماله أو في ثلثه أو في عشره فمقادير الأموال موازين المحبة إذ لا تعرف درجة المحبوب إلا بمحبوب يترك في مقابلته فمن استغرق الحب جميع قلبه لم يبق له محبوب سواه فلا يمسك لنفسه شيئا مثل أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنه لم يترك لنفسه أهلا ولا مالا فسلم ابنته التي هي قرة عينه وبذل جميع ماله قال ابن عمر رضي الله عنهما بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال إذ نزل جبريل عليه السلام فأقرأه عن الله السلام و قال له يا رسول الله مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خللها على صدره بخلال فقال أنفق ماله علي قبل الفتح قال فأقره من الله السلام وقل له يقول لك ربك أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر هذا جبريل يقرئك السلام من الله ويقول أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط قال فبكى أبو بكر رضي الله عنه و قال أعلى ربي أسخط أنا عن ربي راض حديث ابن عمر بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس وعنده أبو بكر وعليه عباءة قد خللها على صدره بخلال فنزل جبريل فأقرأه من ربه السلام الحديث أخرجه ابن حبان و العقيلي في الضعفاء قال الذهبي في الميزان هو كذب فحصل من هذا أن كل من أحب عالما أو عابدا أو أحب شخصا راغبا في علم أو في خير فإنما أحبه في الله و لله وله فيه من الأجر و الثواب بقدر قوة حبه فهذا شرح الحب في الله ودرجاته وبهذا يتضح البغض في الله أيضا ولكن نزيده بيانا بيان البغض في الله أعلم أن كل من يحب في الله لا بد أن يبغض في الله فإنك إن أحببت إنسانا لأنه مطيع لله ومحبوب عند الله فإن عصاه فلا بد أن تبغضه لأنه عاص لله وممقوت عند الله ومن أحب بسبب فبالضرورة يبغض لضده وهذان متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر وهو مطرد في الحب و البغض في العادات ولكن كل واحد من الحب و البغض داء دفين في القلب وإنما يترشح عند الغلبة ويترشح بظهور أفعال المحبين و المبغضين في المقاربة و المباعدة وفي المخالفة و الموافقة فإذا ظهر في الفعل سمي موالاة ومعاداة ولذلك قال الله تعالى هل واليت في وليا وهل عاديت في عدوا كما نقلناه وهذا واضح في حق من لم يظهر لك إلا طاعاته تقدر على أن تحبه أو لم يظهر لك إلا فسقه وفجوره وأخلاقه المسيئة فتقدر على أن تبغضه وإنما المشكل إذا اختلطت الطاعات بالمعاصي فإنك تقول كيف أجمع بين البغض و المحبة وهما متناقضان وكذلك تتناقض ثمرتهما من الموافقة و المخالفة و الموالاة و المعاداة و أقول ذلك غير متناقض في حق الله تعالى كما لا يتناقض في الحظوظ البشرية فإنه مهما اجتمع في شخص واحد خصال يحب بعضها ويكره بعضها فإنك تحبه من وجه وتبغضه من وجه فمن زوجة حسناء فاجرة أو ولد ذكى خدوم ولكنه فاسق فإنه يحبه من وجه ويبغضه من وجه ويكون معه على حالة بين حالتين إذ لو فرض له ثلاثة أولاد أحدهم ذكي بار و الآخر بليد عاق و الآخر بليد بار أو ذكى عاق فإنه يصادف نفسه معهم على ثلاثة أحوال متفاوتة بحسب تفاوت خصالهم فكذلك ينبغي أن تكون حالك بالإضافة إلى من غلب عليه الفجور ومن غلبت عليه الطاعة ومن اجتمع فيه كلاهما متفاوتة على ثلاث مراتب وذلك بأن تعطى كل صفة حظها من البغض و الحب و الإعراض و الإقبال و الصحبة و القطيعة وسائر الأفعال الصادرة منه فإن قلت كل مسلم فإسلامه طاعة منه فكيف ابغضه مع الإسلام فأقول تحبه لإسلامه وتبغضه لمعصيته وتكون معه على حالة لو قستها بحال كافر أو فاجر أدركت تفرقة بينهما وتلك التفرقة حب للإسلام وقضاء لحقه وقدر الجناية على حق الله و الطاعة له كالجناية على حقك و الطاعة لك فمن وافقك على غرض وخالفك في آخر فكن معه على حالة متوسطة بين الانقباض و الاسترسال وبين الإقبال و الأعراض وبين التودد إليه و التوحش عنه ولا تبالغ في إكرامه مبالغتك في إكرام من يوافقك على جميع أغراضك ولا تبالغ في إهانته مبالغتك في إهانة من خالفك في جميع أغراضك ثم ذلك التوسط تارة يكون ميله إلى طرف الإهانة عند غلبة الجناية وتارة إلى طرف المجاملة والإكرام عند غلبة الموافقة فهكذا ينبغي أن يكون فيمن يطيع الله تعالى ويعصيه ويتعرض لرضاه مرة و لسخطه أخرى فإن قلت فيماذا يمكن إظهار البغض فأقول أما في القول فبكف اللسان عن مكالمته ومحادثته مرة وبالاستخفاف و التغليظ في القول أخرى وأما في الفعل فبقطع السعي في إعانته مرة وبالسعي في إساءته وإفساده مآربه أخرى وبعض هذا أشد من بعض وهي بحسب درجات الفسق و المعصية الصادرة منه أما ما يجري مجرى الهفوة التي يعلم انه متندم عليها ولا يصر عليها فالأولى فيه الستر و الإغماض أما ما أصر عليه من صغيرة أو كبيرة فإن كان ممن تأكدت بينك وبينه مودة وصحبة وأخوة فله حكم آخر وسيأتي وفيه خلاف بين العلماء وأما إذا لم تتأكد أخوة وصحبة فلا بد من إظهار أثر البغض إما في الإعراض و التباعد عنه وقلة الالتفات إليه وإما في الاستخفاف وتغليظ القول عليه وهذا أشد من الإعراض وهو بحسب غلظ المعصية وخفتها وكذلك في الفعل أيضا رتبتان إحداهما قطع المعونة و الرفق و النصرة عنه وهو اقل الدرجات و الأخرى السعي في إفساد أغراضه عليه كفعل الأعداء المبغضين وهذا لا بد منه ولكن فيما يفسد عليه طريق المعصية أما ما لا يؤثر فيه فلا مثاله رجل عصى الله بشرب الخمر وقد خطب امرأة لو تيسر له نكاحها لكان مغبوطا بها بالمال و الجمال و الجاه إلا أن ذلك لا يؤثر في منعه من شرب الخمر ولا في بعث وتحريض عليه فإذا قدرت على إعانته ليتم له غرضه ومقصوده وقدرت على تشويشه ليفوته غرضه فليس لك السعي في تشويشه أما الإعانة فلو تركتها إظهارا للغضب عليه في فسقه فلا بأس وليس يجب تركها إذ ربما يكون لك نية في أن تتلطف بإعانته وإظهار الشفقة عليه ليعتقد مودتك ويقبل نصحك فهذا حسن وإن لم يظهر لك ولكن رأيت أن تعينه على غرضه قضاء لحق إسلامه فذلك ليس بممنوع بل هو الأحسن إن كانت معصيته بالجناية على حقك أو حق من يتعلق بك وفيه نزل قوله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم و السعة إلى قوله تعالى ألا تحبون أن يغفر الله لكم إذ تكلم مسطح بن أثاثة في واقعة الإفك حديث كلام مسطح في الإفك وهجر أبي بكر له حتى نزلت ولا يأتل أولوا الفضل منكم الآية متفق عليه من حديث عائشة فحلف أبو بكر أن يقطع عنه رفقه وقد كان يواسيه بالمال فنزلت الآية مع عظم معصية مسطح وأية معصية تزيد على التعرض لحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإطالة اللسان في مثل عائشة رضي الله عنها إلا أن الصديق رضي الله عنه كان كالمجني عليه في نفسه بتلك الواقعة و العفو عمن ظلم و الإحسان إلى من أساء من أخلاق الصديقين وإنما يحسن الإحسان إلى من ظلمك فأما من ظلم غيرك وعصى الله به فلا يحسن إحسانك إليه لأن في الإحسان إلى الظالم إساءة إلى المظلوم وحق المظلوم أولى بالمراعاة وتقوية قلبه بالإعراض عن الظالم أحب إلى الله من تقوية قلب الظالم فأما إذا كنت أنت المظلوم فالأحسن في حقك العفو و الصفح وطرق السلف قد اختلفت في إظهار البغض مع أهل المعاصي وكلهم اتفقوا على إظهار البغض للظلمة و المبتدعة وكل من عصى الله بمعصية متعدية منه إلى غيره فأما من عصى الله في نفسه فمنهم من نظر بعين الرحمة إلى العصاة كلهم ومنهم من شدد الإنكار واختار المهاجرة فقد كان أحمد بن حنبل يهجر الأكابر في أدنى كلمة حتى هجر يحيى بن معين لقوله إني لا أسأل أحدا شيئا ولو حمل السلطان إلي شيئا لأخذته وهجر الحارث المحاسبي في تصنيفه في الرد على المعتزلة و قال إنك لا بد تورد أولا شبهتهم و تحمل الناس على التفكر فيها ثم ترد عليهم وهجر أبا ثور في تأويله قوله صلى الله عليه وسلم أن الله خلق آدم على صورته حديث أن الله خلق آدم على صورته أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وهذا أمر يختلف باختلاف النية وتختلف النية باختلاف الحال فإن كان الغالب على القلب النظر إلى اضطرار الخلق وعجزهم وأنهم مسخرون لما قدروا له أورث هذا تساهلا في المعاداة و البغض وله وجه ولكن قد تلتبس به المداهنة فأكثر البواعث على الإغضاء عن المعاصي المداهنة ومراعاة القلوب و الخوف من وحشتها ونفارها وقد يلبس الشيطان ذلك على الغبي الأحمق بأنه ينظر بعين الرحمة ومحك ذلك أن ينظر إليه بعين الرحمة إن جنى على خاص حقه ويقول إنه قد سخر له و القدر لا ينفع منه الحذر وكيف لا يفعله وقد كتب عليه فمثل هذا قد تصح له نية في الإغماض عن الجناية على حق الله وإن كان يغتاظ عند الجناية على حقه ويترحم عند الجناية على حق الله فهذا مداهن مغرور بمكيدة من مكايد الشيطان فليتنبه له فإن قلت فأقل الدرجات في إظهار البغض الهجر و الإعراض وقطع الرفق و الإعانة فهل يجب ذلك حتى يعصي العبد بتركه فأقول لا يدخل ذلك في ظاهر العلم تحت التكليف و الإيجاب فإنا نعلم أن الذين شربوا الخمر و تعاطوا الفواحش في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ما كانوا يهجرون بالكلية بل كانوا منقسمين فيهم إلى من يغلظ القول عليه ويظهر البعض له و إلى من يعرض عنه ولا يتعرض له و إلى من ينظر إليه بعين الرحمة ولا يؤثر المقاطعة و التباعد فهذه دقائق دينية تختلف فيها طرق السالكين لطريق الآخرة ويكون عمل كل واحد على ما يقتضيه حاله ووقته ومقتضى الأحوال في هذه الأمور إما مكروهة أو مندوبة فتكون في رتبة الفضائل ولا تنتهي إلى التحريم و الإيجاب فإن الداخل تحت التكليف أصل المعرفة لله تعالى وأصل الحب وذلك قد لا يتعدى من المحبوب إلى غيره وإنما المتعدى إفراط الحب و استيلاؤه وذلك لا يدخل في الفتوى وتحت ظاهر التكليف في حق عوام الخلق أصلا بيان مراتب الذين يبغضون في الله وكيفية معاملتهم فإن قلت إظهار البغض و العداوة بالفعل إن لم يكن واجبا فلا شك أنه مندوب إليه و العصاة و الفساق على مراتب مختلفة فكيف ينال الفضل بمعاملتهم وهل يسلك بجميعهم مسلكا واحدا أم لا فأعلم أن المخالف لأمر الله سبحانه لا يخلو إما أن يكون مخالفا في عقده أو في عمله و المخالف في العقد إما مبتدع أو كافر والمبتدع إما داع إلى بدعته أو ساكت و الساكت إما بعجزه أو باختياره فأقسام الفساد في الاعتقاد ثلاثة الأول الكفر فالكافر إن كان محاربا فهو يستحق القتل و الإرقاق وليس بعد هذين إهانة وأما الذمي فإنه لا يجوز إيذاؤه إلا بالإعراض عنه و التحقير له بالاضرار إلى أضيق الطريق وبترك المفاتحة بالسلام فإذا قال السلام عليك قلت وعليك والأولى الكف عن مخالطته ومعاملته ومواكلته وأما الانبساط معه والاسترسال إليه كما يسترسل إلى الأصدقاء فهو مكروه كراهة شديدة يكاد ينتهي ما يقوى منها إلى حد التحريم قال تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم الآية وقال صلى الله عليه وسلم المسلم والمشرك لا تتراءى ناراهما حديث المؤمن والمشرك لا تتراءى ناراهما رواه أبو داود و الترمذي من حديث جرير أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله ولم قال لا تراءى ناراهما رواه النسائي مرسلا وقال البخاري الصحيح أنه مرسل وقال عز وجل يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية الثاني المبتدع الذي يدعو إلى بدعته فإن كانت البدعة بحيث يكفر بها فأمره أشد من الذمي لأنه لا يقر بجزية ولا يسامح بعقد ذمة وإن كان ممن لا يكفر به فأمره بينه وبين الله أخف من أمر الكافر لا محالة ولكن الأمر في الإنكار عليه أشد منه على الكافر لأن شر الكافر غير متعد فإن المسلمين اعتقدوا كفره فلا يلتفتون إلى قوله إذ لا يدعى لنفسه الإسلام واعتقاد الحق أما المبتدع الذي يدعوا إلا البدعة ويزعم أن ما يدعو إليه حق فهو سبب لغواية الخلق فشره متعد فالاستحباب في إظهار بغضه ومعاداته والانقطاع عنه وتحقيره والتشنيع عليه ببدعته وتنفير الناس عنه أشد وان سلم في خلوة فلا بأس برد جوابه وان علمت أن الإعراض عنه والسكوت عن جوابه يقبح في نفسه بدعته ويؤثر في زجرة فترك الجواب أولى لأن جواب الإسلام وان كان واجبا فيسقط بأذني غرض فيه مصلحة حتى يسقط بكون الإنسان في الحمام أو في قضاء حاجته وغرض الزجر أهم من هذه الأغراض وان كان في ملأ فترك الجواب أول تنفيرا للناس عنه وتقبيحا لبدعته في أعينهم وكذلك الأولى كف الإحسان إليه والإعانة له لا سيما فيما يظهر للخلق قال عليه السلام من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا ومن أهان صاحب بدعة أمنه الله يوم الفزع الأكبر من ألان له وأكرمه أو لقيه ببشر فقد استخف بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم حديث من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا الحديث أخرجه أبو نعيم في الحلية و الهروي في ذم الكلام من حديث ابن عمر بسند ضعيف الثالث المبتدع العامي الذي لا يقدر على الدعوة ولا يخاف الاقتداء به فأمره أهون فالأولى أن لا يقابح بالتغليظ و الإهانة بل يتلطف به في النصح فإن قلوب العوام سريعة التقلب فإن لم ينفع النصح وكان في الإعراض عنه تقبيح لبدعته في عينه تأكد الاستحباب في الإعراض وإن علم أن ذلك لا يؤثر فيه لجمود طبعه ورسوخ عقده في قلبه فالإعراض أولى لأن البدعة إذا لم يبالغ في تقبيحها شاعت بين الخلق وعم فسادها وأما العاصي بفعله وعمله لا باعتقاده فلا يخلو إما أن يكون بحيث يتأذى به غيره كالظلم و الغضب وشهادة الزور و الغيبة و التضريب بين الناس و المشي بالنميمة وأمثالها أو كان مما لا يقتصر عليه ويؤذى غيره وذلك ينقسم إلى ما يدعو غيره إلى الفساد كصاحب الماخور الذى يجمع بين الرجال والنساء ويهيء أسباب الشرب والفساد لأهل الفساد أو لا يدعو غيره إلى فعله كالذي يشرب ويزني وهذا الذي لا يدعو غيره إما أن يكون عصيانه بكبيرة أو بصغيرة وكل واحد فأما أن يكون مصرا عليه أو غير مصر فهذه التقسيمات يتحصل منها ثلاثة أقسام ولكل قسم منها رتبة وبعضها أشد من بعض ولا نسلك بالكل مسلكا واحدا القسم الأول وهو أشدها ما يتضرر به الناس كالظلم و الغصب وشهادة الزور و الغيبة و النميمة فهؤلاء الأولى الإعراض عنهم وترك مخالطتهم و الانقباض عن معاملتهم لأن المعصية شديدة فيما يرجع إلى إيذاء الخلق ثم هؤلاء ينقسمون إلى من يظلم في الدماء وإلى من يظلم في الأموال وإلى من يظلم في الأعراض وبعضها أشد من بعض فالاستحباب في إهانتهم و الإعراض عنهم مؤكد جدا و مهما كان يتوقع من الإهانة زجرا لهم أو لغيرهم كان الأمر فيه آكد وأشد الثاني صاحب الماخور الذي يهيء أسباب الفساد ويسهل طرقه على الخلق فهذا لا يؤذي الخلق في دنياهم ولكن يختلس بفعله دينهم وإن كان وفق رضاهم فهو قريب من الأول ولكنه أخف منه فإن المعصية بين العبد و بين الله تعالى إلى العفو أقرب ولكن من حيث إنه متعد على الجملة إلى غيره فهو شديد وهذا أيضا يقتضي الإهانة و الإعراض و المقاطعة وترك جواب السلام إذا ظن أن فيه نوعا من الزجر له أو لغيره الثالث الذي يفسق في نفسه بشرب خمر أو ترك واجب أو مقارفة محظور يخصه فالأمر فيه أخف ولكنه في وقت مباشرته إن صودف يجب منعه بما يمتنع به منه ولو بالضرب و الاستخفاف فإن النهي عن المنكر واجب وإذا فرغ منه وعلم أن ذلك من عادته وهو مصر عليه فإن تحقق أن نصحه يمنعه عن العود إليه وجب النصح وإن لم يتحقق ولكنه كان يرجو فالأفضل النصح و الزجر بالتلطف أو بالتغليظ إن كان هو الأنفع فأما الإعراض عن جواب سلامه و الكف عن مخالطته حيث يعلم أنه يصر وأن النصح ليس ينفعه فهذا فيه نظر وسير العلماء فيه مختلفة و الصحيح أن ذلك يختلف باختلاف نية الرجل فعند هذا يقال الأعمال بالنيات إذ في الرفق و النظر بعين الرحمة إلى الخلق نوع من التواضع وفي العنف و الإعراض نوع من الزجر و المستفتي فيه القلب فما يراه أميل إلى هواه ومقتضى طبعه فالأولى ضده إذ قد يكون استخفافه وعنفه عن كبر وعجب و التذاذ بإظهار العلو و الإدلال بالصلاح وقد يكون رفقه عن مداهنة واستمالة قلب للوصول به إلى غرض أو الخوف من تأثير وحشته ونفرته في جاه أو مال بظن قريب أو بعيد وكل ذلك مردد على إشارات الشيطان وبعيد عن أعمال أهل الآخرة وكل راغب في أعمال الدين مجتهد مع نفسه في التفتيش عن هذه الدقائق ومراقبة هذه الأحوال و القلب هو المفتي فيه وقد يصيب الحق في اجتهاده وقد يخطيء وقد يقدم على اتباع هواه وهو عالم به وقد يقدم وهو بحكم الغرور ظان انه عامل لله وسالك طريق الآخرة وسيأتي بيان هذه الدقائق في كتاب الغرور من ربع المهلكات ويدل على تخفيف الأمر في الفسق القاصر الذي هو بين العبد وبين الله ما روى أن شارب خمر ضرب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعود فقال واحد من الصحابة لعنه الله ما أكثر ما يشرب فقال صلى الله عليه وسلم لا تكن عونا للشيطان على أخيك حديث إن شارب خمر ضرب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه لا تكن عونا للشيطان على أخيك أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة أو لفظا هذا معناه وكان هذا إشارة إلى أن الرفق أولى من العنف و التغليظ بيان الصفات المشروطة فيمن تختار صحبته أعلم أنه لا يصلح للصحبة كل إنسان قال صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل حديث المرء على دين خليله الحديث أخرجه أبو داود و الترمذي وحسنه والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح أن شاء الله ولا بد أن يتميز بخصال وصفات يرغب بسببها في صحبته وتشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من الصحبة إذ معنى الشرط مالا بد منه للوصول إلى المقصود فبالإضافة إلى المقصود تظهر الشروط ويطلب من الصحبة فوائد دينية ودنيوية أما الدنيوية فكالانتفاع بالمال أو الجاه أو مجرد الاستئناس بالمشاهدة و المجاورة وليس ذلك من أغراضنا وأما الدينية فيجتمع فيها أيضا أغراض مختلفة إذ منها الاستفادة من العلم والعمل ومنها الاستفادة من الجاه تحصنا به عن إيذاء من يشوش القلب ويصد عن العبادة ومنها استفادة المال للاكتفاء به عن تضييع الأوقات في طلب القوت ومنها الاستعانة في المهمات فيكون عدة في المصائب وقوة في الأحوال ومنها التبرك بمجرد الدعاء ومنها انتظار الشفاعة في الآخرة فقد قال السلف استكثروا من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة أخيك وروى في غريب التفسير في قوله تعالى ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله قال يشفعهم في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم ويقال إذا غفر الله للعبد شفع في إخوانه ولذلك حث جماعة من السلف على الصحبة و الألفة و المخالطة وكرهوا العزلة و الانفراد فهذه فوائد تستدعى كل فائدة شروطا لا تحصل إلا بها ونحن نفصلها أما على الجملة فينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبتة خمس خصال أن يكون عاقلا حسن الخلق غير فاسق ولا مبتدع ولا حريص على الدنيا أما العقل فهو رأس المال وهو الأصل فلا خير في صحبة الأحمق فإلى الوحشة و القطيعة ترجع عاقبتها وإن طالت قال علي رضي الله عنه فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه فكم من جاهل أردى حليما حين آخاه يقاس المرء بالمرء إذا ما المرء ما شاه و للشيء من الشيء مقاييس وأشباه وللقلب على القلب دليل حين يلقاه كيف و الأحمق قد يضرك وهو يريد نفعك وإعانتك من حيث لا يدري ولذلك قال الشاعر إني لآمن من عدو عاقل وأخاف خلا يعتريه جنون فالعقل فن واحد وطريقه أدرى فأرصد و الجنون فنون ولذلك قيل مقاطعة الأحمق قربان إلى الله وقال الثوري النظر إلى وجه الأحمق خطيئة مكتوبة ونعني بالعاقل الذي يفهم الأمور على ما هي عليه إما بنفسه وأما إذا فهم وأما حسن الخلق فلا بد منه إذ رب عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه ولكن إذا غلبه غضب أو شهوة أو بخل أو جبن أطاع هواه وخالف ما هو المعلوم عنده لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه فلا خير في صحبته وأما الفاسق المصر على الفسق فلا فائدة في صحبته لأن من يخاف الله لا يصر على كبيرة ومن لا يخاف الله لا تؤمن غائلته ولا يوثق بصداقته بل يتغير بتغير الأغراض وقال تعالى ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وقال تعالى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه وقال تعالى فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا و قال واتبع سبيل من أناب إلى وفي مفهوم ذلك زجر عن الفاسق وأما المبتدع ففي صحبته خطر سراية البدعة وتعدي شؤمها إليه فالمبتدع مستحق للهجر و المقاطعة فكيف تؤثر صحبته وقد قال عمر رضي الله عنه في الحث على طلب التدين في الصديق فيما رواه سعيد بن المسيب قال عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة في البلاء وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يغلبك منه واعتزل عدوك وأحذر صديقك إلا الأمين من القوم ولا أمين إلا من خشي الله فلا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره ولا تطعه على سرك واستشر في أمرك الذين يخشون الله تعالى وأما حسن الخلق فقد جمعه علقمة العطاردى في وصيته لابنه حين حضرته الوفاة قال يا بني إذا عرضت لك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا خدمته صانك وإن صحبته زانك وإن قعدت بك مؤنة مانك اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها اصحب من إذا سألته أعطاك وإن سكت ابتداك وإن نزلت بك نازلة واساك اصحب من إذا قلت صدق قولك وإن حاولتما أمرا أمرك وإن تنازعتما آثرك فكأنه جمع بهذا جميع حقوق الصحبة وشرط أن يكون قائما بجميعها قال ابن أكثم قال المأمون فأبن هذا فقيل له أتدري لم أوصاه بذلك قال لا قال لأنه أراد أن لا يصحب أحدا و قال بعض الأدباء لا تصحب من الناس إلا من يكتم سرك ويستر عيبك فيكون معك في النوائب ويؤثرك بالرغائب وينشر حسنتك ويطوي سيئتك فإن لم تجده فلا تصحب إلا نفسك و قال علي رضي الله عنه إن أخاك الحق من كان معك ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب زمان صدعك شتت فيه شمله ليجمعك وقال بعض العلماء لا تصحب إلا أحد رجلين رجل تتعلم منه شيئا في أمر دينك فينفعك أو رجل تعلمه شيئا في أمر دينه فيقبل منك و الثالث فاهرب منه وقال بعضهم الناس أربعة فواحد حلو كله فلا يشبع منه وآخر مر كله فلا يؤكل منه و آخر فيه حموضة فخذ من هذا قبل أن يأخذ منك و آخر فيه ملوحة فخذ منه وقت الحاجة فقط و قال جعفر الصادق رضي الله عنه لا تصحب خمسة الكذاب فإنك منه على غرور وهو مثل السراب يقرب منك البعيد ويبعد منك القريب و الأحمق فإنك لست منه على شيء يريد أن ينفعك فيضرك و البخيل فإنه يقطع بك أحوج ما تكون إليه و الجبان فإنه يسلمك ويفر عند الشدة و الفاسق فإنه يبيعك بأكلة أو أقل منها فقيل وما أقل منها قال الطمع فيها ثم لا ينالها و قال الجنيد لأن يصحبني فاسق حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني قاريء سيء الخلق وقال ابن أبي الحواري قال لي أستاذي أبو سليمان يا أحمد لا تصحب إلا أحد رجلين رجلا ترتفق به في أمر دنياك أو رجلا تزيد معه وتنتفع به في أمر آخرتك و الاشتغال بغير هذين حمق كبير و قال سهل بن عبد الله اجتنب صحبة ثلاثة من أصناف الناس الجبابرة الغافلين و القراء المداهنين و المتصوفة الجاهلين وأعلم أن هذه الكلمات أكثرها غير محيط بجميع أغراض الصحبة و المحيط ما ذكرناه من ملاحظة المقاصد ومراعاة الشروط بالإضافة إليها فليس ما يشترط للصحبة في مقاصد الدنيا مشروطا للصحبته في الآخرة و الأخوة كما قال بشر الإخوان ثلاثة أخ لآخرتك وأخ لدنياك وأخ لتأنس به وقلما تجتمع هذه المقاصد في واحد بل تتفرق على جمع فتتفرق الشروط فيهم لا محالة و قد قال المأمون الإخوان ثلاثة أحدهم مثله مثل الغذاء لا يستغني عنه و الآخر مثله مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت و الثالث مثله مثل الداء لا يحتاج إليه قط ولكن العبد قد يبتلى به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع وقد قيل مثل جملة الناس كمثل الشجر و النبات فمنها ما له ظل وليس له ثمر وهو مثل الذي ينتفع به في الدنيا دون الآخرة فإن نفع الدنيا كالظل السريع الزوال ومنها ما له ثمر وليس له ظل وهو مثل الذي يصلح للآخرة دون الدنيا ومنها ما له ثمر وظل جميعا ومنها ما ليس له واحد منهما كأم غيلان تمزق الثياب ولا طعم فيهما ولا شراب ومثله من الحيوانات الفأرة و العقرب كما قال تعالى يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير وقال الشاعر الناس شتى إذا ما أنت ذقتهم لا يستوون كما لا يستوي الشجر هذا له ثمر حلو مذاقته وذاك ليس له طعم و لا ثمر فإذا لم يجد رفيقا يؤاخيه ويستفيد به أحد هذه المقاصد فالوحدة أولى به قال أبو ذر رضي الله عنه الوحدة خير من الجليس السوء و الجليس الصالح خير من الوحدة ويروي مرفوعا وأما الديانة وعدم الفسق فقد قال الله تعالى واتبع سبيل من أناب إلى و لأن مشاهدة الفسق و الفساق تهون أمر المعصية على القلب وتبطل نفرة القلب عنها قال سعيد بن المسيب لا تنظروا إلى الظلمة فتحبط أعمالكم الصالحة بل هؤلاء لا سلامة في مخالطتهم وإنما السلامة في الانقطاع عنهم قال الله تعالى وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما أي سلامة و الألف بدل من الهاء ومعناه إنا سلمنا من إثمكم وأنتم سلمتم من شرنا فهذا ما أردنا أن نذكره من معاني الأخوة وشروطها وفوائدها فلنرجع في ذكر حقوقها ولوازمها وطرق القيام بحقها وأما الحريص على الدنيا فصحبته سم قاتل لأن الطباع مجبولة على التشبه و الاقتداء بل الطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري صاحبه فمجالسة الحريص على الدنيا تحرك الحرص ومجالسة الزاهد تزهد في الدنيا فلذلك تكره صحبة طلاب الدنيا ويستحب صحبة الراغبين في الآخرة قال علي عليه السلام أحيوا الطاعات بمجالسة من يستحيا منه و قال أحمد بن حنبل رحمه الله ما أوقعني في بلية إلا صحبة من لا أحتشمه و قال لقمان يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن القلوب لتحيا بالحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل القطر الباب الثاني في حقوق الأخوة و الصحبة اعلم أن عقد الأخوة رابطة بين الشخصين كعقد النكاح بين الزوجين وكما يقتضى النكاح حقوقا يجب الوفاء بها قياما بحق النكاح كما سبق ذكره في كتاب آداب النكاح فكذا عقد الأخوة فلأخيك عليك حق في المال و النفس وفي اللسان و القلب بالعفو و الدعاء وبالإخلاص و الوفاء وبالتخفيف وترك التكلف و التكليف وذلك يجمعه ثمانية حقوق الحق الأول في المال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى حديث مثل الأخوين مثل اليدين الحديث تقدم في الباب قبله وإنما شبههما باليدين لا باليد و الرجل لأنهما يتعاونان على غرض واحد فكذا الأخوان إنما تتم أخوتهما إذا ترافقا في مقصد واحد فهما من وجه كالشخص الواحد وهذا يقتضي المساهمة في السراء و الضراء و المشاركة في المآل و الحال وارتفاع الاختصاص و الاستئثار و المواساة بالمال مع الأخوة على ثلاث مراتب أدناها أن تنزله منزلة عبدك أو خادمك فتقوم بحاجته من فضلة مالك فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن حاجتك أعطيته ابتداء ولم تحوجه إلى السؤال فإن أحوجته إلى السؤال فهو غاية التقصير في حق الأخوة الثانية أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك في مالك ونزوله منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال قال الحسن كان أحدهم يشق إزاره بينه وبين أخيه الثالثة وهي العليا أن تؤثره على نفسك وتقدم حاجته على حاجتك وهذه مرتبة الصديقين ومنتهى درجات المتحابين ومن ثمار هذه الرتبة الإيثار بالنفس أيضا كما روى انه سعى بجماعة من الصوفية إلى بعض الخلفاء فأمر بضرب رقابهم وفيهم أبو الحسين النوري فبادر السياف ليكون هو أول مقتول فقيل له في ذلك فقال أحببت أن أوثر إخواني بالحياة في هذه اللحظة فكان ذلك سبب نجاة جميعهم في حكاية طويلة فإن لم تصادف نفسك في رتبة من هذه الرتب مع أخيك فاعلم أن عقد الأخوة لم ينعقد بعد في الباطن وإنما الجاري بينكما مخالطة رسمية لا وقع لها في العقل و الدين فقد قال ميمون بن مهران من رضى من الإخوان بترك الإفضال فليؤاخ أهل القبور وأما الدرجة الدنيا فليست أيضا مرضية عند ذوي الدين روى أن عتبة الغلام جاء إلى منزل رجل كان قد آخاه فقال أحتاج من مالك إلى أربعة آلاف فقال خذ ألفين فأعرض عنه و قال آثرت الدنيا على الله أما استحييت أن تدعى الأخوة في الله وتقول هذا ومن كان في الدرجة الدنيا من الاخوة ينبغي أن لا تعامله في الدنيا قال أبو حازم إذا كان لك أخ في الله فلا تعامله في أمور دنياك وإنما أراد به من كان في هذه الرتبة وأما الرتبة العليا فهي التي وصف الله تعالى المؤمنين بها في قوله وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون أي كانوا خلطاء في الأموال لا يميز بعضهم رحله عن بعض وكان منهم من لا يصحب من قال نعلى لأنه أضافه إلى نفسه وجاء فتح الموصلي إلى منزل لأخ له وكان غائبا فأمر أهله فأخرجت صندوقه ففتحه وأخذ حاجته فأخبرت الجارية مولاها فقال إن صدقت فأنت حرة لوجه الله سرورا بما فعل وجاء رجل إلى أبي هريرة رضي الله عنه وقال إني أريد أن أواخيك في الله فقال أتدري ما حق الإخاء قال عرفني قال أن لا تكون أحق بدينارك ودرهمك مني قال لم أبلغ هذه المنزلة بعد قال فاذهب عني و قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه وكيسه فيأخذ منه ما يريد بغير إذنه قال لا قال فلستم بإخوان ودخل قوم على الحسن رضي الله عنه فقالوا يا أبا سعيد أصليت قال نعم قالوا فإن أهل السوق لم يصلوا بعد قال ومن يأخذ دينه من أهل السوق بلغني أن أحدهم يمنع أخاه الدرهم قاله كالمتعجب منه وجاء رجل إلى إبراهيم بن أدهم رحمه الله وهو يريد بيت المقدس فقال إني أريد أن أرافقك فقال له إبراهيم على أن أكون أملك لشيئك منك قال لا قال أعجبني صدقك قال فكان إبراهيم بن أدهم رحمه الله إذا رافقه رجل لم يخالفه وكان لا يصحب إلا من يوافقه وصحبه رجل شراك فأهدى رجل إلى إبراهيم في بعض المنازل قصعة من ثريد ففتح جراب رفيقه وأخذ حزمة من شراك وجعلها في القصعة وردها إلى صاحب الهدية فلما جاء رفيقه قال أين الشراك قال ذلك الثريد الذي أكلته إيش كان قال كنت تعطيه شراكين أو ثلاثة قال إسمح يسمح لك وأعطى مرة حمارا كان لرفيقه بغير إذنه رجلا رآه راجلا فلما جاء رفيقه سكت ولم يكره ذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما أهدي لرجل دمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال أخي فلان أحوج مني إليه فبعث به إليه فبعثه ذلك الإنسان إلى آخر فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى رجع إلى الأول بعد أن تداوله سبعة وروى أن مسروقا أدان دينا ثقيلا وكان على أخيه خيثمة دين قال فذهب مسروق فقضى دين خيثمة وهو لا يعلم وذهب خيثمة فقضى دين مسروق وهو لا يعلم ولما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع آثره بالمال والنفس فقال عبد الرحمن بارك الله لك فيهما حديث لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع آثره بالمال والنفس فقال عبد الرحمن بارك الله فيهما رواه البخاري من حديث أنس فآثره بما آثره به وكأنه قبله ثم آثره به وذلك مساواة و البداية إيثار و الإيثار أفضل من المساواة و قال أبو سليمان الدارني لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها في فم أخ من إخواني لاستقللتها له و قال أيضا إني لألقم اللقمة أخا من إخواني فأجد طعمها في حلقي كان الإنفاق على الإخوان أفضل من الصدقات على الفقراء قال علي رضي الله تعالى عنه لعشرون درهما أعطيها أخي في الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم على المساكين وقال أيضا لأن أصنع صاعا من طعام وأجمع عليه إخواني في الله أحب إلى من أن أعتق رقبة واقتداء الكل في الإيثار برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج و الآخر مستقيم إلى صاحبه فقال له يا رسول الله كنت والله أحق بالمستقيم مني فقال ما من صاحب يصحب صاحبا ولو ساعة من النهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها حق الله أم أضاعه حديث انه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منها سواكين أحدهما معوج و الآخر مستقيم إلى صاحبه الحديث لم أقف له على أصل فأشار بهذا إلى أن الإيثار هو القيام بحق الله في الصحبة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر يغتسل عندها فأمسك حذيفة بن اليمان الثوب وقام يستر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اغتسل ثم جلس حذيفة ليغتسل فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الثوب وقام يستر حذيفة عن الناس فأبى حذيفة و قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تفعل فأبى عليه السلام إلا أن يستره بالثوب حتى اغتسل حديث ستر حذيفة للنبي صلى الله عليه وسلم بثوب حتى اغتسل ثم ستره صلى الله عليه وسلم لحذيفة حتى اغتسل لم أجده أيضا و قال صلى الله عليه وسلم ما اصطحب اثنان قط إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه حديث ما اصطحب اثنان قط إلا كان أحبهما إلى الله أرفقهما بصاحبه تقدم في الباب قبله بلفظ أحدهما حبا لصاحبه وروى أن مالك بن دينار ومحمد بن واسع دخلا منزل الحسن وكان غائبا فأخرج محمد بن واسع سلة فيها طعام من تحت سرير الحسن فجعل يأكل فقال له مالك كف يدك حتى يجيء صاحب البيت فلم يلتفت محمد إلى قوله وأقبل على الأكل وكان مالك أبسط منه وأحسن خلقا فدخل الحسن وقال يا مويلك هكذا كنا لا يحتشم بعضنا بعضا حتى ظهرت أنت وأصحابك وأشار بهذا إلى أن الانبساط في بيوت الإخوان من الصفاء في الأخوة كيف وقد قال الله تعالى أو صديقكم وقال أو ما ملكتم مفاتحه إذ كان الأخ يدفع مفاتيح بيته إلى أخيه ويفوض له التصرف كما يريد وكان أخوه يتحرج عن الأكل بحكم التقوى حتى انزل الله تعالى هذه الآية وإذن لهم في الانبساط في طعام الإخوان و الأصدقاء الحق الثاني في الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات و القيام بها قبل السؤال وتقديمها على الحاجات الخاصة وهذه أيضا لها درجات كما للمواساة بالمال فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال و القدرة ولكن مع البشاشة و الاستبشار وإظهار الفرح و قبول المنة قال بعضهم إذا استقضيت أخاك حاجة فلم يقضها فذكره ثانية فلعله أن يكون قد نسي فإن لم يقضها فكبر عليه واقرأ هذه الآية و الموتى يبعثهم الله وقضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية فقال ما هذا قال لما أسديته الي فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى قال جعفر بن محمد إني لأتسارع إلى قضاء حوائج أعدائي مخافة أن أردهم فيستغنوا عني هذا في الأعداء فكيف في الأصدقاء وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم ويتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه بل كانوا يرون منه ما لم يروا من أبيهم في حياته وكان الواحد منهم يتردد إلى باب دار أخيه ويسأل ويقول هل لكم زيت هل لكم ملح هل لكم حاجة وكان يقوم بها حيث لا يعرفه أخوه وبهذا تظهر الشفقة و الأخوة فإذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه فلا خير فيها قال ميمون ابن مهران من لم تنتفع بصداقته لم تضرك عداوته و قال صلى الله عليه وسلم ألا وإن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله تعالى أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها من الذنوب وأصلبها في الدين وأرقها على الإخوان حديث إن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله أصفاها وأصلبها أخرجه الطبراني من حديث أبي عتبة الخولاني إلا انه قال ألينها وأرقها وإسناده جيد و بالجملة فينبغي أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك أو أهم من حاجتك وان تكون متفقدا لأوقات الحاجة غير غافل عن أحواله كما لا تغفل عن أحوال نفسك وتغنيه عن السؤال وإظهار الحاجة إلى الاستعانة بل تقوم بحاجته كأنك لا تدري انك قمت بها ولا ترى لنفسك حقا بسبب قيامك بها بل تتقلد منة بقبوله سعيك في حقه وقيامك بأمره ولا ينبغي أن تقتصر على قضاء الحاجة بل تجتهد في البداية بالإكرام في الزيادة و الإيثار و التقديم على الأقارب و الولد كان الحسن يقول إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة وقال الحسن من شيع أخاه في الله بعث الله ملائكة من تحت عرشه يوم القيامة يشيعونه إلى الجنة وفي الأثر ما زار رجل أخا في الله شوقا إلى لقائه إلا ناداه ملك من خلفه طبت وطابت لك الجنة حديث ما زار أخا في الحديث تقدمفي الباب قبله وقال عطاء تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكروهم وروى إن ابن عمر كان يلتفت يمينا وشمالا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال أحببت رجلا فأنا أطلبه ولا أراه فقال إذا أحببت أحدا فسله عن اسمه واسم أبيه وعن منزله فإن كان مريضا عدته وإن كان مشغولا أعنته حديث ابن عمر إذا أحببت أحدا فاسأله عن اسمه واسم أبيه ومنزلة وعشيرته الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف ورواه الترمذي من حديث يزيد بن نعامة وقال غريب ولا يعرف ليزيد بن نعامة سماع من النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية وعن اسم جده وعشيرته وقال الشعبي في الرجل يجالس الرجل فيقول أعرف وجهه ولا أعرف اسمه تلك معرفة النوكى وقيل لابن عباس من أحب الناس إليك قال جليسي و قال ما اختلف رجل إلى مجلسي ثلاثا من غير حاجة له إلى فعلمت ما مكافأته من الدنيا و قال سعيد بن العاص لجليسي علي ثلاث إذا دنا رحبت به وإذا حدث أقبلت عليه وإذا جلس أوسعت له و قد قال تعالى رحماء بينهم إشارة إلى الشفقة و الإكرام ومن تمام الشفقة أن لا ينفرد بطعام لذيذ أو بحضور في مسرة دونه بل يتنغض لفراقه ويستوحش بانفراده عن أخيه الحق الثالث في اللسان بالسكوت مرة و بالنطق أخرى أما السكوت فهو أن يسكت عن ذكر عيوبه في غيبته وحضرته بل يتجاهل عنه ويسكت عن الرد عليه فيما يتكلم به ولا يماريه ولا يناقشه وان يسكت عن التجسس و السؤال عن أحواله وإذا رآه في طريق أو حاجة لم يفاتحه بذكر غرضه من مصدره ومورده ولا يسأله عنه فربما يثقل عليه ذكره أو يحتاج إلى أن يكذب فيه وليسكت عن أسراره التي بثها إليه ولا يبثها إلى غيره ألبتة ولا إلى أخص أصدقائه ولا يكشف شيئا منها ولو بعد القطيعة و الوحشة فإن ذلك من لؤم الطبع وخبث الباطن وان يسكت عن القدح في أحبابه وأهله وولده وان يسكت عن حكاية قدح غيره فيه فإن الذي سبك من بلغك و قال أنس كان صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بشيء يكرهه حديث أنس كان لا يواجه احد بشىء يكرهه أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي في اليوم والليلة بسند ضعيف و التأذي يحصل أولا من المبلغ ثم من القائل نعم لا ينبغي أن يخفي ما يسمع من الثناء عليه فإن السرور به أولا يحصل من المبلغ للمدح ثم من القائل وإخفاء ذلك من الحسد و بالجملة فليسكت عن كل كلام يكرهه جملة وتفصيلا إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهي عن منكر ولم يجد رخصة في السكوت فإذ ذاك لا يبالي بكراهته فإن ذلك إحسان إليه في التحقيق وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر أما ذكر مساوية وعيوبه ومساوي أهله فهو من الغيبة وذلك حرام في حق كل مسلم ويزجرك عنه أمران أحدهما أن تطالع أحوال نفسك فإن وجدت فيها شيئا واحدا مذموما فهون على نفسك ما تراه من أخيك وقدر أنه عاجز عن قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة كما أنك عاجز عما أنت مبتلى به ولا تستثقله بخصلة واحدة مذمومة فأي الرجال المهذب وكل ما لا تصادفه من نفسك في حق الله فلا تنتظره من أخيك في حق نفسك فليس حقك عليه بأكثر من حق الله عليك والأمر الثاني أنك تعلم أنك لو طلبت منزها عن كل عيب اعتزلت عن الخلق كافة ولن تجد من تصاحبه أصلا فما من أحد من الناس إلا وله محاسن ومساو فإذا غلبت المحاسن المساوي فهو الغاية و المنتهى فالمؤمن الكريم أبدا يحضر في نفسه محاسن أخيه لينبعث من قلبه التوقير و الود و الاحترام وأما المنافق اللئيم فإنه أبدا يلاحظ المساوي و العيوب قال ابن المبارك المؤمن يطلب المعاذير و المنافق يطلب العثرات وقال الفضيل الفتوة العفو عن زلات الإخوان ولذلك قال عليه السلام استعيذوا بالله من جار السوء الذي إن رأى خيرا ستره وان رأى شرا أظهره حديث استعيذوا بالله من جار السوء الذي أن رأى خيرا ستره وإن رأى شرا أظهره أخرجه البخاري في التاريخ من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وللنسائي من حديث أبي هريرة وأبي سعيد بسند صحيح تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام وما من شخص إلا ويمكن تحسين حاله بخصال فيه ويمكن تقبيحه أيضا روى أن رجلا أثنى على رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد ذمه فقال عليه السلام أنت بالأمس تثني عليه و اليوم تذمه فقال و الله لقد صدقت عليه بالأمس وما كذبت عليه اليوم إنه أرضاني بالأمس فقلت أحسن ما علمت فيه وأغضبني اليوم فقلت أقبح ما علمت فيه فقال عليه السلام إن من البيان لسحرا حديث أن رجلا أثنى على رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد ذمه الحديث وفيه فقال صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا أخرجه الطبراني في الأوسط و الحاكم في المستدرك من حديث أبي بكرة إلا انه ذكر المدح و الذم في مجلس واحد لا يومين ورواه الحاكم من حديث ابن عباس أطول منه بسند ضعيف أيضا وكأنه كره ذلك فشبهه بالسحر ولذلك قال في خبر آخر البذاء و البيان شعبتان من النفاق حديث البذاء و البيان شعبتان من النفاق أخرجه الترمذي و قال حسن غريب و الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين من حديث أبي أمامة بسند ضعيف و في الحديث الآخر إن الله يكره لكم البيان كل البيان وكذلك قال الشافعي رحمه الله ما أحد من المسلمين يطيع الله ولا يعصيه ولا أحد يعصى الله ولا يطيعه فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل وإذا جعل مثل هذا عدلا في حق الله فبأن تراه عدلا في حق نفسك ومقتضى أخوتك أولى وكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساويه يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن فسوء الظن غيبة بالقلب وهو منهى عنه أيضا وحده أن لا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكن أن تحمله على وجه حسن فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة فلا يمكنك أن لا تعلمه وعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان إن أمكن وهذا الظن ينقسم إلى ما يسمى تفرسا وهو الذي يستند إلى علامة فإن ذلك يحرك الظن تحريكا ضروريا لا يقدر على دفعه والى ما منشؤه سوء اعتقادك فيه حتى يصدر منه فعل له وجهان فيحملك سوء الاعتقاد فيه على أن تنزله على الوجه الأدرإ من غير علامة تخصه به وذلك جناية عليه بالباطن وذلك حرام في حق كل مؤمن إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الله قد حرم على المؤمن من المؤمن دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن السوء حديث إن الله حرم من المؤمن دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن السوء أخرجه الحاكم في التاريخ من حديث ابن عباس دون قوله وعرضه ورجاله ثقات إلا أن أبا على النيسابوري قال ليس هذا عندي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو عندي من كلام ابن عباس ولابن ماجه نحوه من حديث ابن عمر ولمسلم من حديث أبي هريرة كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال صلى الله عليه وسلم إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث حديث إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وسوء الظن يدعو إلى التحسس و التحسن وقد قال صلى الله عليه وسلم لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا و لاتدابروا وكونوا عباد الله إخوانا حديث لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا و كونوا عباد الله إخوانا متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو بعض الحديث الذي قبله و التجسس في تطلع الأخبار و التحسس بالمراقبة بالعين فستر العيوب و التجاهل و التغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيها على كمال الرتبة في ستر القبيح و إظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح و المرضى عند الله من تخلق بأخلاقه فإنه ستار العيوب و غفار الذنوب ومتجاوز عن العبيد فكيف لا تتجاوز أنت عمن هو مثلك أو فوقك وما هو بكل حال عبدك ولا مخلوقك وقد قال عيسى عليه السلام للحواريين كيف تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائما وقد كشف الريح ثوبه عنه قالوا نستره ونغطيه قال بل تكشفون عورته قالوا سبحان الله من يفعل هذا فقال أحدكم يسمع بالكلمة في أخيه فيزيد عليها ويشيعها بأعظم منها واعلم أنه لا يتم إيمان المرء ما لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه وأقل درجات الأخوة أن يعامل أخاه بما يحب أن يعامله به ولا شك انه ينتظر منه ستر العورة و السكوت على المساوي والعيوب ولو ظهر له منه نقيض ما ينتظره اشتد عليه غيظه وغضبه فما أبعده إذا كان ينتظر منه ما لا يضمره له ولا يعزم عليه لأجله وويل له في نص كتاب الله تعالى حيث قال ويل للمطففين الذين إذا أكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وكل من يلتمس من الإنصاف اكثر مما تسمح به نفسه فهو داخل تحت مقتضى هذه الآية ومنشأ التقصير في ستر العورة أو السعي في كشفها الداء الدفين في الباطن وهو الحقد و الحسن فإن الحقود الحسود يملأ باطنه بالخبث ولكن يحبسه في باطنه ويخفيه ولا يبديه مهما لم يجد له مجالا وإذا وجد فرصة انحلت الرابطة وارتفع الحياء ويترشح الباطن بخبثه الدفين ومهما انطوى الباطن على حقد وحسد فالانقطاع أولى قال بعض الحكماء ظاهر العتاب خير من مكنون الحقد ولا يزيد لطف الحقود إلا وحشة منه ومن في قلبه سخيمة على مسلم فإيمانه ضعيف وأمره مخطر وقلبه خبيث لا يصلح للقاء الله وقد روى عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه انه قال كنت باليمن ولي جار يهودي يخبرني عن التوراة فقدم على اليهودي من سفر فقلت أن الله قد بعث فينا نبيا فدعانا إلى الإسلام فأسلمنا وقد أنزل علينا كتابا مصدقا للتوراة فقال اليهودي صدقت ولكنكم لا تستطيعون أن تقوموا بما جاءكم به إنا نجد نعته ونعت أمته في التوراة انه لا يحل لامريء أن يخرج من عتبة بابه وفي قلبه سخيمة على أخيه المسلم ومن ذلك أن يسكت عن إفشاء سره الذي استودعه وله أن ينكره وإن كان كاذبا فليس الصدق واجبا في كل مقام فإنه كما يجوز للرجل أن يخفي عيوب نفسه وأسراره وإن احتاج إلى الكذب فله أن يفعل ذلك في حق أخيه فإن أخاه نازل منزلته وهما كشخص واحد لا يختلفان إلا بالبدن هذه حقيقة الأخوة وكذلك لا يكون بالعمل بين يديه مرائيا وخارجا عن أعمال السر إلى أعمال العلانية فإن معرفة أخيه بعمله كمعرفته بنفسه من غير فرق وقد قال عليه السلام من ستر عوره أخيه ستره الله تعالى في الدنيا الآخرة حديث من ستر عورة أخيه ستره الله في الدنيا الآخرة أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس و قال يوم القيامة ولم يقل في الدنيا ولمسلم من حديث أبي هريرة من ستر مسلما ستره الله في الدنيا و الآخرة وللشيخين من حديث ابن عمر من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة وفي خبر آخر فكأنما أحيا موءودة حديث فكأنما أحيا موءودة من قبرها أخرجه أبو داود والنسائي و الحاكم من حديث عقبة بن عامر من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة زاد الحاكم من قبرها وقال صحيح الإسناد وقال عليه السلام إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة حديث إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة أخرجه أبو داود و الترمذي من حديث جابر و قال حسن و قال المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس مجلس يسفك فيه دم حرام ومجلس يستحل فيه فرج حرام ومجلس يستحل فيه مال من غير حله حديث المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس الحديث أخرجه أبو داود من حديث جابر من رواية ابن أخيه غير مسمى عنه وقال صلى الله عليه وسلم إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة ولا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره حديث إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة لا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره أخرجه أبو بكر بن لال في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف ورواه ابن المبارك في الزهد من رواية أبي بكر بن حزم مرسلا و الحاكم وصححه من حديث ابن عباس إنكم تجالسون بينكم بالأمانة قيل لبعض الأدباء كيف حفظك للسر قال أنا قبره وقد قيل صدور الأحرار قبور الأسرار وقيل أن قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه أي لا يستطيع الأحمق إخفاء ما في نفسه فيبديه من حيث لا يدري به فمن هذا يجب مقاطعة الحمقى و التوقي عن صحبتهم بل عن مشاهدتهم وقد قيل لآخر كيف تحفظ السر قال أجحد المخبر وأحلف للمستخبر وقال آخر واستر أني أستره وعبر عنه ابن المعتز فقال ومستودعى سرا تبوأت كتمه فأودعته صدري فصار له قبرا و قال آخر وأراد الزيادة عليه وما السر في صدري كثاو بقبره لأني أرى المقبور ينتظر النشرا ولكنني أنساه حتى كأنني بما كان منه لم أحط ساعة خبرا ولو جاز كتم السر بيني وبينه عن السر و الأحشاء لم تعلم السرا وأفشى بعضهم سرا له إلى أخيه ثم قال له حفظت فقال بل نسيت وكان أبو سعيد الثوري يقول إذا أردت أن تواخي رجلا فأغضبه ثم دس عليه من يسأله عنك وعن أسرارك فإن قال خيرا وكتم سرك فاصحبه وقيل لأبي يزيد من تصحب من الناس قال من يعلم منك ما يعلم الله ثم يستر عليك كما يستره الله وقال ذو النون لا خير في صحبة من لا يحب أن يراك إلا معصوما ومن أفشى السر عند الغضب فهو اللئيم لأن إخفاءه عند الرضا تقتضيه الطباع السليمة كلها وقد قال بعض الحكماء لا تصحب من يتغير عليك عند أربع عند غضبه ورضاه وعند طمعه وهواه بل ينبغي أن يكون صدق الأخوة ثابتا على اختلاف هذه الأحوال ولذلك قيل وترى الكريم إذا تصرم وصله يخفي القبيح ويظهر الإحسانا وترى اللئيم إذا تقضى وصله يخفي الجميل ويظهر البهتانا و قال العباس لابنه عبد الله أني أرى هذا الرجل يعني عمر رضي الله عنه يقدمك على الأشياخ فاحفظ عني خمسا لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا تجرين عليه كذبا ولا تعصين له أمرا ولا يطلعن منك على خيانة فقال الشعبي كل كلمة من هذه الخمس خير من ألف ومن ذلك السكوت عن المماراة و المدافعة في كل ما يتكلم به أخوك قال ابن عباس لا تمار سفيها فيؤذيك ولا حليما فيقليك وقد قال صلى الله عليه وسلم من ترك المراء وهو مبطل بنى له بيت في ربض الجنة ومن ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة حديث من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة الحديث تقدم في العلم هذا مع أن تركه مبطلا واجب وقد جعل ثواب النفل أعظم لأن السكوت عن الحق أشد على النفس من السكوت على الباطل وإنما الأجر على قدر النصب وأشد الأسباب لإثارة نار الحقد بين الإخوان المماراة و المنافسة فإنها عين التدابر و التقاطع فإن التقاطع يقع أولا بالآراء ثم بالأقوال ثم بالأبدان و قال عليه السلام لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحرمه ولا يخذله بحسب المرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم حديث لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم المسلم الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأوله متفق عليه من حديثه وحديث أنس وقد تقدم بعضه قبل هذا بسبعة أحاديث وأشد الاحتقار المماراة فإن من رد على غيره كلامه فقد نسبه إلى الجهل و الحمق أو إلى الغفلة و السهو عن فهم الشيء على ما هو عليه وكل ذلك استحقار وإيغار للصدر وإيحاش وفي حديث أبي أمامة الباهلي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى فغضب و قال ذروا المراء ذروا المراء لقلة خيره وذروا المراء فإن نفعه قليل وإنه يهيج العداوة بين الإخوان حديث أبي أمامة خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى فغضب وقال ذروا المراء لقلة خيره وذروا المراء فإن نفعه قليل وانه يهيج العداوة بين الإخوان أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة وأنس دون ما بعد قوله لقلة خيره ومن هنا إلى آخر الحديث رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة فقط واسنادهما ضعيف وقال بعض السلف من لاحى الإخوان وما رآهم قلت مروءته وذهبت كرامته وقال عبد الله ابن الحسن إياك ومماراة الرجال فإنك لن تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم وقال بعض السلف أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان واعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وكثرة المماراة توجب التصنييع و القطيعة وتورث العداوة وقد قال الحسن لا تشتر عداوة رجل بمودة ألف رجل وعلى الجملة فلا باعث على المماراة إلا إظهار التمييز بمزيد العقل و الفضل واحتقار المردود عليه بإظهار جهله وهذا يشتمل على التكبر و الاحتقار و الإيذاء و الشتم بالحمق و الجهل ولا معنى للمعادة إلا هذا فكيف تضامنه الإخوة و المصافاة فقد روى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا فتخلفه حديث ابن عباس لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا فتخلفه أخرجه الترمذي وقال غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه يعنى من حديث ليث بن أبى سليم وضعفه الجمهور وقد قال عليه السلام إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق حديث انكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق أخرجه أبو يعلى الموصلى والطبراني في مكارم الأخلاق وابن عدى في الكامل وضعفه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة و المماراة مضادة لحسن الخلق وقد انتهى السلف في الحذر عن المماراة و الحض على المساعدة إلى حد لم يروا السؤال أصلا و قالوا إذا قلت لأخيك قم فقال إلى أين فلا تصحبه بل قالوا ينبغي أن يقوم ولا يسأل و قال أبو سليمان الداراني كان لي أخ بالعراق فكنت أجيئه في النوائب فأقول أعطني من مالك شيئا فكان يلقي إلي كيسه فآخذ منه ما أريد فجئته ذات يوم فقلت أحتاج إلى شيء فقال كم تريد فخرجت حلاوة إخائه من قلبي و قال آخر إذا طلبت من أخيك مالا فقال ماذا تصنع به فقد ترك حق الإخاء واعلم أن قوام الأخوة في الكلام و الفعل و الشفقة قال أبو عثمان الحيري موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم وهو كما قال الحق الرابع على اللسان بالنطق فإن الأخوة كما تقتضى السكوت عن المكاره تقتضي أيضا النطق بالمحاب بل هو أخص بالأخوة لأن من قنع بالسكوت صحب أهل القبور وإنما تراد الإخوان ليستفاد منهم لا ليتخلص عن أذاهم و السكوت معناه كف الأذى فعليه أن يتودد إليه بلسانه ويتفقده في أحواله التي يجب أن يتفقد فيها كالسؤال عن عارض أن عرض وإظهار شغل القلب بسببه و استبطاء العافية عنه وكذا جملة أحواله التي يكرهها ينبغي أن يظهر بلسانه وأفعاله كراهتها وجملة أحواله التي يسر بها ينبغي أن يظهر بلسانه مشاركته له في السرور بها فمعنى الأخوة المساهمة في السراء و الضراء وقد قال عليه السلام إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره حديث إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أخرجه أبو داود و الترمذي قال حسن صحيح و الحاكم من حديث المقدام بن معد يكرب وإنما أمر بالإخبار لأن ذلك يوجب زيادة حب فإن عرف أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة فإذا عرفت أنه أيضا يحبك زاد حبك لا محالة فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف و التحاب بين المؤمنين مطلوب في الشرع ومحبوب في الذين ولذلك علم فيه الطريق فقال تهادوا تحابوا حديث تهادوا تحابوا أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقد تقدم غير مرة ومن ذلك أن يدعوه بأحب أسمائه إليه في غيبته وحضوره قال عمر رضي الله عنه ثلاث يصفين لك ود أخيك أن تسلم عليه إذا لقيته أولا وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه ومن ذلك أن تثنى عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثر هو الثناء عنده فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة وكذلك الثناء على أولاده وأهله وصنعته وفعله حتى على عقله وخلقه وهيئته وخطه وشعره وتصنيفه وجميع ما يفرح به وذلك من غير كذب وإفراط ولكن تحسين ما يقبل التحسين لا بد منه وآكد من ذلك أن تبلغه ثناء من أثنى عليه مع إظهار الفرح فإن إخفاء ذلك محض الحسد ومن ذلك تشكره على صنيعه في حقك بل على نيته وإن لم يتم ذلك قال علي رضي الله عنه من لم يحمد أخاه على حسن النية لم يحمده على حسن الصنيعة وأعظم من ذلك تأثيرا في جلب المحبة الذب عنه في غيبته مهما قصد بسوء أو تعرض لعرضه بكلام صريح أو تعريض فحق الأخوة التشمير في الحماية و النصرة وتبكيت المتعنت وتغليظ القول عليه و السكوت عن ذلك موغر للصدر ومنفر للقلب وتقصير في حق الأخوة وإنما شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخوين باليدين تغسل إحداهما الأخرى لينضر أحدهما الآخر وينوب عنه حديث تشبيه الأخوين باليدين تقدم في الباب قبله وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخدله ولا يثلمه حديث المسلم أخو المسلم تقدم في أثناء حديث قبله بسبعة أحاديث وهذا من الانثلام و الخذلان فإن إهماله لتمزيق عرضه كإهماله لتمزيق لحمه فأخسس بأخ يراك و الكلاب تفترسك وتمزق لحومك وهو ساكت لا تحركه الشفقة و الحمية للدفع عنك وتمزيق الأعراض أشد على النفوس من تمزيق اللحوم ولذلك شبهه الله تعالى بأكل لحوم الميتة فقال أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا و الملك الذي يمثله في المنام ما تطالعه الروح من اللوح المحفوظ بالأمثلة المحسوسة يمثل الغيبة بأكل لحوم الميتة حتى إن من يرى أنه يأكل لحم ميته فإنه يغتاب الناس لأن ذلك الملك في تمثيله يراعى المشاركة و المناسبة بين الشيء وبين مثاله في المعنى الذي يجرى من المثال مجرى الروح لا في ظاهر الصور فإذن حماية الأخوة بدفع ذم الأعداء وتعنت المتعنتين واجب في عقد الأخوة وقد قال مجاهد لا تذكر أخاك في غيبته إلا كما تحب أن يذكرك في غيبتك فإذن لك فيه معياران أحدهما أن تقدر أن الذي قيل فيه لو قيل فيك وكان أخوك حاضرا ما الذي كنت تحب أن يقوله أخوك فيك فينبغي أن تعامل المتعرض لعرضه به و الثاني أن تقدر أنه حاضر من وراء جدار يسمع قولك ويظن أنك لا تعرف حضوره فما كان يتحرك في قلبك من النصرة له بمسمع منه ومرأى فينبغي أن يكون في مغيبه كذلك فقد قال بعضهم ما ذكر أخ لي بغيب إلا تصورته جالسا فقلت فيه ما يحب أن يسمعه لو حضر و قال آخر ما ذكر أخ لي إلا تصورت نفسي في صورته فقلت فيه مثل ما أحب أن يقال في وهذا من صدق الإسلام وهو أن لا يرى لأخيه إلا ما يراه لنفسه وقد نظر أبو الدرداء إلى ثورين يحرثان في فدان فوقف أحدهما يحك جسمه فوقف الآخر فبكى و قال هكذا الإخوان في الله يعملان لله فإذا وقف أحدهما وافقه الآخر وبالموافقة يتم الإخلاص ومن لم يكن مخلصا في إخائه فهو منافق و الإخلاص استواء الغيب و الشهادة واللسان و القلب و السر و العلانية و الجماعة و الخلوة و الاختلاف و التفاوت في شيء من ذلك مماذقة في المودة وهو دخل في الدين ووليجة في طريق المؤمنين ومن لا يقدر من نفسه على هذا فالانقطاع و العزلة أولى به من المؤاخاة و المصاحبة فإن حق الصحبة ثقيل لا يطيقه إلا محقق فلا جرم أجره جزيل لا يناله إلا موفق ولذلك قال عليه السلام أبا هر أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما وأحسن مصاحبة صاحبك تكن مؤمنا حديث أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مؤمنا أخرجه الترمذي وابن ماجه و اللفظ له من حديث أبي هريرة بالشطر الأول فقط و قال الترمذي مؤمنا قال وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما وقال ابن ماجه مؤمنا قال الدارقطني و الحديث ثابت ورواه القضاعي في مسند الشهاب بلفظ المصنف فانظر كيف جعل الإيمان جزاء الصحبة والإسلام جزاء الجوار فالفرق بين فضل الإسلام على حد الفرق بين المشقة في القيام بحق الجوار و القيام بحق الصحبة فإن الصحبة تقتضي حقوقا كثيرة في أحوال متقاربة مترادفة على الدوام و الجوار لا يقتضي إلا حقوقا قريبة في أوقات متباعدة لا تدوم ومن ذلك التعليم و النصيحة فليس حاجة أخيك إلى العلم بأقل من حاجته إلى المال فإن كنت غنيا بالعلم فعليك مواساته من فضلك وإرشاده إلى كل ما ينفعه في الدين و الدنيا فإن علمته وأرشدته ولم يعمل بمقتضى العلم فعليك النصيحة وذلك بأن تذكر آفات ذلك الفعل وفوائد تركه وتخوفه بما يكرهه في الدنيا و الآخرة لينزجر عنه وتنبهه على عيوبه وتقبح القبيح في عينه وتحسن الحسن ولكن ينبغي أن يكون ذلك في سر لا يطلع عليه أحد فما كان على الملأ فهو توبيخ وفضيحة وما كان في السر فهو شفقة و نصيحة إذ قال صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن حديث المؤمن مرآة المؤمن أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بإسناد حسن أي يرى منه ما لا يرى من نفسه فيستفيد المرء بأخيه معرفة عيوب نفسه ولو انفرد لم يستفد كما يستفيد بالمرآة الوقوف على عيوب صورته الظاهرة و قال الشافعي رضي الله عنه من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه وقيل لمسعر أتحب من يخبرك بعيوبك فقال أن نصحني فيما بيني وبينه فنعم وإن قرعني بين الملأ فلا وقد صدق فإن النصح على الملأ فضيحة و الله تعالى يعاتب المؤمن يوم القيامة تحت كنفه في ظل ستره فيوقفه على ذنوبه سرا وقد يدفع كتاب عمله مختوما إلى الملائكة الذين يحفون به إلى الجنة فإذا قاربوا باب الجنة أعطوه الكتاب مختوما ليقرأه وأما أهل المقت فينادون على رءوس الأشهاد وتستنطق جوارحهم بفضائحهم فيزدادون بذلك خزيا وافتضاحا ونعوذ بالله من الخزى يوم العرض الأكبر فالفرق بين التوبيخ و النصيحة بالإسرار و الإعلان كما أن الفرق بين المداراة و المداهنة بالغرض الباعث على الإغضاء فإن أغضيت لسلامة دينك ولما ترى من إصلاح أخيك بالإغضاء فأنت مدار وإن أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن و قال ذو النون لا تصحب مع الله إلا بالموافقة ولا مع الخلق إلا بالمناصحة ولا مع النفس إلا بالمخالفة ولا مع الشيطان إلا بالعداوة فإن قلت فإذا كان في النصح ذكر العيوب ففيه إيحاش القلب فكيف يكون ذلك من حق الأخوة فاعلم أن الإيحاش إنما يحصل بذكر عيب يعلمه أخوك من نفسه فأما تنبيهه على ما لا يعمله فهو عين الشفقة وهو استمالة القلوب أعني قلوب العقلاء وأما الحمقى فلا يلتفت إليهم فإن من ينبهك على فعل مذموم تعاطيته أو صفة مذمومة اتصفت بها لتزكي نفسك عنها كان كمن ينبهك على حية أو عقرب تحت ذيلك وقد همت بإهلاكك فإن كنت تكره ذلك فما أشد حمقك و الصفات الذميمة عقارب وحيات وهي في الآخرة مهلكات فإنها تلذغ القلوب و الأرواح وألمها أشد مما يلدغ الظواهر و الأجساد وهي مخلوقة من نار الله الموقدة ولذلك كان عمر رضي الله عنه يستهدي ذلك من إخوانه و يقول رحم الله امرأ أهدى إلى أخيه عيوبه ولذلك قال عمر لسلمان وقد قدم عليه ما الذي بلغك عني مما تكره فاستعفى فألح عليه فقال بلغني أن لك حلتين تلبس إحداهما بالنهار و الأخرى بالليل وبلغني أنك تجمع بين ادامين على مائدة واحدة فقال عمر رضي الله عنه أما هذان فقد كفيتهما فهل بلغك غيرهما فقال لا وكتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط بلغني أنك بعت دينك بحبتين وقفت على صاحب لبن فقلت بكم هذا فقال بسدس فقلت له لا بثمن فقال هو لك وكان يعرفك اكشف عن رأسك قناع الغافلين وانتبه عن رقدة الموتى واعلم أن من قرأ القرآن ولم يستغن وآثر الدنيا لم آمن أن يكون بآيات الله من المستهزئين وقد وصف الله تعالى الكاذبين ببعضهم للناصحين إذ قال ولكن لا تحبون الناصحين وهذا في عيب هو غافل عنه فأما ما علمت انه يعلمه من نفسه فإنما هو مقهور عليه من طبعه فلا ينبغي أن يكشف فيه ستره إن كان يخفيه وإن كان يظهره فلا بد من التلطف في النصح بالتعريض مرة وبالتصريح أخرى إلى حد لا يؤدي إلى الإيحاش فإن علمت أن النصح غير مؤثر فيه وأنه مضطر من طبعه إلى الإصرار عليه فالسكوت عنه أولى وهذا كله فيما يتعلق بمصالح أخيك في دينه أو دنياه أما ما يتعلق بتقصيره في حقك فالواجب فيه الاحتمال والعفو والصفح والتعامى عنه و التعرض لذلك ليس من النصح في شيء نعم إن كان بحيث يؤدي استمراره عليه إلى القطيعة فالعتاب في السر خير من القطيعة و التعريض به خير من التصريح و المكاتبة خير من المشافهة و الاحتمال خير من الكل إذ ينبغي أن يكون قصدك من أخيك إصلاح نفسك بمراعاتك إياه وقيامك بحقه واحتمالك تقصيره لا الاستعانة به والاسترفاق منه قال أبو بكر الكتاني صحبني رجل وكان على قلبي ثقيلا فوهبت له يوما شيئا على أن يزول ما في قلبي فلم يزل فأخذت بيده يوما إلى البيت وقلت له ضع رجلك على خدي فأبى فقلت لا بد ففعل فزال ذلك من قلبي و قال أبو علي الرباطي صحبت عبد الله الرازي وكان يدخل البادية فقال علي أن تكون أنت الأمير أو أنا فقلت بل أنت فقال وعليك الطاعة فقلت نعم فأخذ مخلاة ووضع فيها الزاد وحملها على ظهره فإذا قلت له أعطني قال ألست قلت أنت الأمير فعليك الطاعة فأخذنا المطر ليلة فوقف على رأسي إلى الصباح وعليه كساء وأنا جالس يمنع عني المطر فكنت أقول مع نفسي ليتني مت ولم أقل أنت الأمير الحق الخامس العفو عن الزلات و الهفوات وهفوة الصديق لا تخلو إما أن تكون في دينه بارتكاب معصية أو في حقك بتقصيره في الاخوة أما ما يكون في الدين من ارتكاب معصية و الإصرار عليها فعليك التلطف في نصحه بما يقوم أوده ويجمع شمله ويعيد إلى الصلاح و الورع حاله فإن لم تقدر وبقى مصرا فقد اختلفت طرق الصحابة و التابعين في إدامة حق مودته أو مقاطعته فذهب أبو ذر رضي الله عنه إلى الانقطاع و قال إذا انقلب أخوك عما كان عليه فابغضه من حيث أحببته ورأى ذلك من مقتضى الحب في الله و البغض في الله وأما أبو الدرداء وجماعة من الصحابة فذهبوا إلى خلافه فقال أبو الدرداء إذا تغير أخوك و حال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى و قال إبراهيم النخعي لا تقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب بذنبه فإنه يرتكبه اليوم ويتركه غدا و قال أيضا لا تحدثوا الناس بزلة العالم فإن العالم يزل الزلة ثم يتركها و في الخبر اتقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته حديث اتقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته رواه البغوي في المعجم وابن عدي في الكامل من حديث عمرو بن عوف المزني وضعفاه و في حديث عمر وقد سأل عن أخ كان آخاه فخرج إلى الشام فسأل عنه بعض من قدم عليه وقال ما فعل أخي قال ذلك أخو الشيطان قال مه قال إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر قال إذا أردت الخروج فآذني فكتب عند خروجه إليه بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب الآية ثم عاتبه تحت ذلك وعذله فلما قرأ الكتاب بكى و قال صدق الله ونصح لي عمر فتاب ورجع وحكى أن أخوين ابتلي أحدهما بهوى فأظهر عليه أخاه و قال إني قد اعتللت فإن شئت أن لا تعقد على صحبتي لله فافعل فقال ما كنت لأحل عقد أخوتك لأجل خطيئتك أبدا ثم عقد أخوه بينه وبين الله بأن لا يأكل ولا يشرب حتى يعافى الله أخاه من هواه فطوى أربعين يوما في كلها يسأله عن هواه فكان يقول القلب مقيم على حاله وما زال هو ينحل من الغم و الجوع حتى زال الهوى عن قلب أخيه بعد الأربعين فأخبره بذلك فأكل وشرب بعد أن كاد يتلفت هزالا وضرا وكذلك حكى عن أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة فقيل لأخيه ألا تقطعه وتهجره فقال أحوج ما كان إلى في هذا الوقت لما وقع في عثرته أن آخذبيده وأتلطف له في المعاتبة وأدعو له بالعود إلى ما كان عليه وروى في الإسرائيليات أن أخوين عابدين كانا في جبل نزل أحدهما ليشتري من المصر لحما بدرهم فرأى بغيا عند اللحام فرمقها وعشقها واجتذبها إلى خلوة وواقعها ثم أقام عندها ثلاثا واستحيا أن يرجع إلى أخيه حياء من جنايته قال فافتقده أخوه واهتم بشأنه فنزل إلى المدينة فلم يزل يسأل عنه حتى دل عليه فدخل إليه وهو جالس معها فاعتنقه وجعل يقبله ويلتزمه وأنكر الآخر انه يعرفه قط لفرط استحيائه منه فقال قم يا أخي فقد علمت شأنك وقصتك وما كنت قد أحب إلى ولا أعز من ساعتك هذه فلما رأى أن ذلك لم يسقطه من عينه قام فانصرف معه فهذه طريقة قوم وهي ألطف وأفقه من طريقة أبي ذر رضي الله عنه وطريقته أحسن وأسلم فإن قلت ولم قلت هذا ألطف وأفقه ومقارف هذه المعصية لا تجوز مؤاخاته ابتداء فتجب مقاطعته انتهاء لأن الحكم إذا ثبت بعلة فالقياس أن يزول بزوالها وعلة عقد الاخوة التعاون في الدين ولا يستمر ذلك مم مقارفة المعصية فأقول أما كونه ألطف فلما فيه من الرفق و الاستمالة و التعطف المفضي إلى الرجوع و التوبة لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة ومهما قوطع وانقطع طمعه عن الصحبة أصر واستمر وأما كونه أفقه فمن حيث أن الاخوة عقد ينزل منزلة القرابة فإذا انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد ومن الوفاء به أن لا يهمل أيام حاجته وفقره وفقر الدين اشد من فقر المال وقد أصابته جائحة و ألمت به آفة افتقر بسببها في دينه فينبغي أن يراقب ويراعي ولا يهمل بل لا يزال يتلطف به ليعان على الخلاص من تلك الوقعة التي ألمت به فالأخوة عدة للنائبات وحوادث الزمان وهذا من اشد النوائب و الفاجر إذا صحب تقيا وهو ينظر إلى خوفه ومداومته فسيرجع على قرب ويستحي من الإصرار بل الكسلان يصحب الحريص في العمل فيحرص حياء منه قال جعفر بن سليمان مهما فترت في العمل نظرت إلى محمد بن واسع وإقباله على الطاعة فيرجع إلي نشاطي في العبادة وفارقني الكسل وعملت عليه أسبوعا وهذا التحقيق وهو أن الصداقة لحمة كلحمة النسب و القريب لا يجوز أن يهجر بالمعصية ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في عشيرته فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ولم يقل أني بريء منكم مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب و إلى هذا أشار أبو الدرداء لما قيل له إلا تبغض أخاك وقد فعل كذا فقال إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي و أخوة الدين أوكد من أخوة القرابة ولذلك قيل لحكيم أيما أحب إليك أخوك أو صديقك فقال إنما احب أخي إذا كان صديقا لي وكان الحسن يقول كم من أخ لم تلده أمك ولذلك قيل القرابة تحتاج إلى مودة و المودة لا تحتاج إلى قرابة و قال جعفر الصادق رضي الله عنه مودة يوم صلة ومودة شهر قرابة ومودة سنة رحم مائية من قطعها قطعه الله فإذن الوفاء بعقد الأخوة إذا سبق انعقادها واجب وهذا جوابنا عن ابتداء المؤاخاة مع الفاسق فإنه لم يتقدم له حق فإن تقدمت له قرابة فلا جرم لا ينبغي أن يقاطع بل يجامل و الدليل عليه أن ترك المؤاخاة و الصحبة ابتداء ليس مذموما ولا مكروها بل قال قائلون الانفراد أولى فأما قطع الأخوة عن دوامها فمنهى عنه ومذموم في نفسه ونسبته إلى تركها ابتداء كنسبة الطلاق إلى ترك النكاح و الطلاق أبغض إلى الله تعالى من ترك النكاح قال صلى الله عليه وسلم شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة حديث شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة رواه احمد من حديث أسماء بنت يزيد بسند ضعيف و قال بعض السلف في ستر زلات الإخوان ود الشيطان أن يلقي على أخيكم مثل هذا حتى تهجروه وتقطعوه فماذا اتقيتم من محبة عدوكم وهذا لأن التفريق بين الأحباب من محاب الشيطان كما أن مقارفة العصيان من محابه فإذا حصل للشيطان أحد غرضيه فلا ينبغي أن يضاف إليه الثاني و إلى هذا أشار عليه السلام في الذي شتم الرجل الذي أتى فاحشة إذ قال مه وزبره و قال لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم حديث لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم رواه البخاري من حديث أبي هريرة وتقدم في الباب قبله فبهذا كله يتبين الفرق بين الدوام و الابتداء لأن مخالطة الفساق محذورة ومفارقة الأحباب و الإخوان أيضا محذورة وليس من سلم عن معارضة غيره كالذي لم يسلم وفي الابتداء قد سلم فرأينا أن المهاجرة و التباعد هو الأولى وفي الدوام تعارضا فكان الوفاء بحق الأخوة أولى هذا كله في زلته في دينه أما زلته في حقه بما يوجب إيحاشه فلا خلاف في أن الأولى العفو و الاحتمال بل كل ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ويتصور تمهيد عذر فيه قريب أو بعيد فهو واجب بحق الأخوة فقد قيل ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك فتقول لقلبك ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله فأنت المعيب لا أخوك فإن ظهر بحيث لم يقبل التحسين فينبغي أن لا تغضب إن قدرت ولكن ذلك لا يمكن وقد قال الشافعي رحمه الله من استغضب فلم يغضب فهو حمار ومن استرضى فلم يرضى فهو شيطان فلا تكن حمارا ولا شيطانا واسترض قلبك بنفسك نيابة عن أخيك واحترز أن تكون شيطانا إن لم تقبل قال الأحنف حق الصديق أن تحتمل منه ثلاثا ظلم الغضب وظلم الدالة وظلم الهفوة و قال آخر ما شتمت أحدا قط لأنه إن شتمني كريم فأنا أحق من غفرها له أو لئيم فلا أجعل عرضي له غرضا ثم تمثل و قال وأغفر عوراء الكريم ادخاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما وقد قيل خذ من خليلك ما صفا ودع الذي فيه الكدر فالعمر أقصر من معا تبة الخليل على الغير ومهما اعتذر إليك أخوك كاذبا كان أو صادقا فاقبل عذره قال عليه السلام من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب المكس حديث من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب المكس أخرجه ابن ماجه وأبو دواد في المراسيل من حديث جودان واختلف في صحبته وجهله أبو حاتم و باقي رجاله ثقات ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر بسند ضعيف و قال عليه السلام المؤمن سريع الغضب سريع الرضا حديث المؤمن سريع الغضب سريع الرضا لم أجده هكذا و للترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد الخدري ألا أن بني آدم خلقوا على طبقات شتى الحديث وفيه ومنهم سريع الفيء فتلك بتلك فلم يصفه بأنه لا يغضب وكذلك قال الله تعالى و الكاظمين الغيظ ولم يقل و الفاقدين الغيظ وهذا لأن العادة لا تنتهي إلى أن يجرح الإنسان فلا يتألم بل تنتهي إلى أن يصبر عليه ويحتمل وكما أن التألم بالجرح مقتضى طبع البدن فالتألم بأسباب الغضب طبع القلب ولا يمكن قلعه ولكن ضبطه وكظمه و العمل بخلاف مقتضاه فإنه يقتضي التشفي و الانتقام و المكافأة وترك العمل بمقتضاه ممكن وقد قال الشاعر ولست بمستبق أخا لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحوارى إذا واخيت أحدا في هذا الزمان فلا تعاتبه على ما تكرهه فإنك لا تأمن من أن ترى في جوابك ما هو شر من الأول قال فجربته فوجدته كذلك وقال بعضهم الصبر على مضض الأخ خير من معاتبته و المعاتبة خير من القطيعة و القطيعة خير من الوقيعة وينبغي أن لا يبالغ في البغضة عند الوقيعة قال الله تعالى عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة و قال عليه السلام أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما حديث أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة و قال غريب قلت رجاله ثقات رجال مسلم لكن الراوي تردد في رفعه وقال عمر رضي الله عنه لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وهو أن تحب تلف صاحبك مع هلاكك الحق السادس الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته بكل ما يحبه لنفسه ولأهله وكل متعلق به فتدعو له كما تدعو لنفسك ولا تفرق بين نفسك وبينه فإن دعاءك له دعاء لنفسك على التحقيق فقد قال صلى الله عليه وسلم إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك ولك مثل ذلك حديث إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قال الملك ولك بمثل ذلك أخرجه مسلم من حديث أبي الدرداء وفي لفظ آخر يقول الله تعالى بك أبدا يا عبدي حديث الدعاء للأخ بظهر الغيب وفيه يقول الله بك أبدا يا عبدي لم أجد هذا اللفظ وفي الحديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه حديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه لم أجده بهذا اللفظ ولأبي داود والترمذي وضعفه من حديث عبد الله بن عمرو إن أسرع الدعاء إجابة دعوه غائب لغائب و في الحديث دعوة الرجل لأخته في ظهر الغيب لا ترد حديث دعوة الأخ لأخيه في الغيب لا ترد أخرجه الدارقطني في الظل من حديث أبي الدرداء وهو عند مسلم إلا انه قال مستجابة مكان لا ترد وكان أبو الدرداء يقول إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي أسميهم بأسمائهم وكان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول وأين مثل الأخ الصالح أهلك يقتسمون ميراثك ويتنعمون بما خلفت وهو منفرد بحزنك مهتم مما قدمت وما صرت إليه يدعو لك في ظلمة الليل وأنت تحت أطباق الثرى وكأن الأخ الصالح يقتدى بالملائكة إذ جاء في الخبر إذا مات العبد قال الناس ما خلفت وقال الملائكة ما قدم حديث إذا مات العبد قال الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف يفرحون له بما قدم ويسألون عنه ويشفقون عليه و يقال من بلغه موت أخيه فترحم عليه واستغفر له كتب له كأنه شهد جنازته وصلى عليه وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب حديث مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد الحديث أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة قال الذهبي في الميزان إنه خبر منكر جدا وإنه ليدخل على قبور الأموات من دعاء الأحياء من الأنوار مثل الجبال وقال بعض السلف الدعاء للأموات بمنزلة الهدايا للأحياء فيدخل الملك على الميت ومعه طبق من نور عليه منديل من نور فيقول هذه هدية لك من عند أخيك فلان من عند قريبك فلان قال فيفرح بذلك كما يفرح الحي بالهدية الحق السابع الوفاء و الإخلاص ومعنى الوفاء الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه فإن الحب إنما يراد للآخرة فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي ولذلك قال عليه السلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه حديث سبعة يظلهم الله في ظله الحديث تقدم غير مرة و قال بعضهم قليل الوفاء بعد الوفاء خير من كثيره في حال الحياة ولذلك روى انه صلى الله عليه وسلم أكرم عجوزا دخلت عليه فقيل له في ذلك فقال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن كرم العهد من الدين حديث إكرامه صلى الله عليه وسلم لعجوز دخلت عليه وقوله إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان أخرجه الحاكم من حديث عائشة و قال صحيح على شرط الشيخين وليس له علة فمن الوفاة للأخ مراعاة جميع أصدقائه وأقاربه و المتعلقين به ومراعاتهم أوقع في قلب الصديق من مراعاة الأخ في نفسه فإن فرحه بتفقد من يتعلق به أكثر إذ لا يدل على قوة الشفقة و الحب إلا تعديهما من المحبوب إلى كل من يتعلق به حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان فإنه لا يحسد متعاونين على بركما يحسد متواخيين في الله ومتحابين فيه فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما قال الله تعالى وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزغ بينهم وقال مخبرا عن يوسف من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي و يقال ما تواخى اثنان في الله فتفرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما وكان بشر يقول إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه وذلك لأن الإخوان مسلاة للهموم وعون على الدين ولذلك قال ابن المبارك ألذ الأشياء مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية والمودة الدائمة هي التي تكون في الله وما يكون لغرض يزول بزوال ذلك الغرض ومن ثمرات المودة في الله أن لا تكون مع حسد في دين ودنيا وكيف يحسده وكل ما هو لأخيه فإليه ترجع فائدته وبه وصف الله تعالى المحبين في الله تعالى فقال ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ووجود الحاجة هو الحسد ومن الوفاء أن لا يتغير حاله في التواضع مع أخيه وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه فالترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم قال الشاعر إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن وأوصى بعض السلف ابنه فقال يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك وقال بعض الحكماء إذا ولي أخوك ولايه فثبت على نصف مودته لك فهو كثير وحكى الربيع أن الشافعي رحمه الله آخى رجلا ببغداد ثم إن أخاه ولي السيبين فتغير له عما كان عليه فكتب إليه الشافعي بهذه الأبيات اذهب فودك من فؤادي طالق أبدا وليس طلاق ذات البين فإن ارعويت فإنها تطليقة ويدوم ودك لي على ثنتين وإن امتنعت شفعتها بمثالها فتكون تطليقين في حيضين وإذا الثلاث أتتك مني بتة لم تغن عنك ولاية السيبين واعلم أنه ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر يتعلق بالدين بل الوفاء له المخالفة فقد كان الشافعي رضي الله عنه آخي محمد بن عبد الحكم وكان يقربه ويقبل عليه ويقول ما يقيمني بمصر غيره فاعتل محمد فعاده الشافعي رحمه الله تعالى فقال مرض الحبيب فعدته فمرضت من حذري عليه وأتى الحبيب يعودني فبرئت من نظري إليه وظن الناس لصدق مودتهما أنه يفوض أمر حلقته إليه بعد وفاته فقيل للشافعي في علته التي مات فيها رضي الله تعالى عنه إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله فاستشرف له محمد بن عبد الحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه فقال الشافعي سبحان الله أيشك في هذا أبو يعقوب البويطي فانكسر لها محمد ومال أصحابه إلى البويطي مع أن محمدا كان قد حمل عنه مذهبه كله لكن كان البويطي أفضل وأقرب إلى الزهد والورع فنصح الشافعي لله وللمسلمين وترك المداهنة ولم يؤثر رضا الخلق على رضا الله تعالى فلما توفى انقلب محمد بن عبد الحكم عن مذهبه ورجع إلى مذهب أبيه ودرس كتب مالك رحمه الله وهو من كبار أصحاب مالك رحمه الله وآثر البويطي الزهد والخمول ولم يعجبه الجمع والجلوس في الحلقة واشتغل بالعبادة وصنف كتاب الأم الذي ينسب الآن إلى الربيع بن سليمان ويعرف به وإنما صنفه البويطي ولكن لم يذكر نفسه فيه ولم ينسبه إلى نفسه فزاد الربيع فيه وتصرف وأظهره والمقصود أن الوفاء بالمحبة من تمامها النصح لله قال الأحنف الإخاء جوهرة رقيقة إن لم تحرسها كانت معرضة للآفات فاحرسها بالكظم حتى تعتذر إلى من ظلمك وبالرضا حتى لا تستكثر من نفسك الفضل ولا من أخيك التقصير ومن آثار الصدق والإخلاص وتمام الوفاء أن تكون شديد الجزع من المفارقة نفور الطبع عن أسبابها كما قيل وجدت مصيبات الزمان جميعها سوى فرقة الأحباب هينة الخطب وأنشد ابن عيينة هذا البيت وقال لقد عهدت أقواما فارقتهم منذ ثلاثين سنة ما يخيل إلي أن حسرتهم ذهبت من قلبي ومن الوفاء أن لا يسمع بلاغات الناس على صديقه لاسيما من يظهر أولا أنه محب لصديقه كيلا يتهم ثم يلقى الكلام عرضا وينقل عن الصديق ما يوغر القلب فذلك من دقائق الجيل في التضريب ومن لم يحترز منه لم تدم مودته أصلا قال واحد لحكيم قد جئت خاطبا لمودتك قال إن جعلت مهرها ثلاثا فعلت قال وما هي قال لا تسمع على بلاغة ولا تخالفني في أمر ولا توطئني عشوة ومن الوفاء أن لا يصادق عدو صديقه قال الشافعي رحمه الله إذا أطاع صديقك عدوك فقد اشتركا في عدواتك الحق الثامن التخفيف وترك التكلف والتكليف وذلك بأن لا يكلف أخاه ما يشق عليه بل يروح سره من مهماته وحاجاته ويرفهه عن أن يحمله شيئا من أعبائه فلا يستمد منه من جاه ومال ولا يكلف التواضع له والتفقد لأحواله والقيام بحقوقه بل لا يقصد بمحبته إلا الله تعالى تبركا بدعائه واستئناسا بلقائه واستعانة به على دينه وتقربا إلى الله تعالى بالقيام بحقوقه وتحمل مؤنته قال بعضهم من اقتضى من إخوانه ما لا يقضونه فقد ظلمهم ومن اقتضى منهم مثل ما يقتضونه فقد أتعبهم ومن لم يقتض فهو المتفضل عليهم وقال بعض الحكماء من جعل نفسه عند الإخوان فوق قدره أثم وأثموا ومن جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم ومن جعلها دون قدره سلم وسلموا تمام التخفيف بطي بساط التكليف حتى لا يستحي منه فيما لا يستحي من نفسه وقال الجنيد ما تواخى اثنان في الله فاستوحش أحدهما من صاحبه أو احتشم إلا لعلة في أحدهما وقال علي عليه السلام شر الأصدقاء من تكلف لك ومن أحوجك إلى مداراة وألجأك إلى اعتذار وقال الفضيل إنما تقاطع الناس بالتكلف يزور أحدهم أخاه فيتكلف له فيقطعه ذلك عنه وقالت عائشة رضي الله عنها المؤمن أخو المؤمن لا يغتنمه ولا يحتشمه وقال الجنيد صبحت أربع طبقات من هذه الطائفة كل طبقة ثلاثون رجلا حارثا المحاسبي وطبقته وحسنا المسوحي وطبقته وسريا السقطي وطبقته وابن الكريبي وطبقته فما تواخي اثنان في الله واحتشم أحدهما من صاحبه أو استوحش إلا لعلة في أحدهما وقيل لبعضهم من نصحب قال من يرفع عنك ثقل التكلف وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي و قال بعض الصوفية لا تعاشر من الناس إلا من لا تزيد عنده ببر ولا تنقص عنده بإثم يكون ذلك لك وعليك وأنت عنده سواء وإنما قال هذا لأن به يتخلص عن التكلف و التحفظ وإلا فالطبع يحمله على أن يتحفظ منه إذا علم أن ذلك ينقصه عنده وقال بعضهم كن مع أبناء الدنيا بالأدب ومع أبناء الآخرة بالعلم ومع العارفين كيف شئت و قال أخر لا تصحب إلا من يتوب عنك إذا أذنبت يعتذر إليك إذا أسأت ويحمل مؤنة نفسك ويكفيك مؤنة نفسه و قائل هذا قد ضيق طريق الأخوة على الناس وليس الأمر كذلك بل ينبغي أن يواخى كل متدين عاقل ويعزم على أن يقوم بهذه الشرائط ولا يكلف غيره هذه الشروط حتى تكثر إخوانه إذ به يكون مواخيا في الله وإلا كانت مواخاته لحظوظ نفسه فقط ولذلك قال رجل للجنيد قد عز الإخوان في هذا الزمان أين أخ لي في الله فأعرض الجنيد حتى أعاده ثلاثا فلما أكثر قال له الجنيد إن أردت أخا يكفيك مؤنتك ويحتمل أذاك فهذا لعمري قليل وإن أردت أخا في الله تحمل أنت مؤنتة وتصبر على أذاه فعندي جماعة أعرفهم لك فسكت الرجل واعلم أن الناس ثلاثة رجل تنتفع بصحبته ورجل تقدر على أن تنفعه ولا تضرر به ولكن لا تنتفع به ورجل لا تقدر أيضا على أن تنفعه وتضرر به وهو الأحمق أو السيء الخلق فهذا الثالث ينبغي أن تتجنبه فأما الثاني فلا تجتنبه لأنك تنتفع في الآخرة بشفاعته وبدعائه وبثوابك على القيام به وقد أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام إن أطعتنى فما أكثر إخوانك أى إن واسيتهم واحتملت منهم ولم تحسدهم وقد قال بعضهم صحبت الناس خمسين سنة فما وقع بيني وبينهم خلاف فإني كنت معهم على نفسي ومن كانت هذه شيمته كثر إخوانه ومن التخفيف وترك التكلف أن لا يعترض في نوافل العبادات كان طائفة من الصوفية يصطحبون على شرط المساواة بين أربع معان إن أكل أحدهم النهار كله لم يقل له صاحبه صم وإن صام الدهر كله لم يقل له أفطر وإن نام الليل كله لم يقل له قم وإن صلى الليل كله لم يقل له نم وتستوي حالاته عنده بلا مزيد ولا نقصان لأن ذلك إن تفاوت حرك الطبع إلى الرياء و التحفظ لا محالة و قد قيل من سقطت كلفته دامت ألفته من خفت مؤنته دامت مودته و قال بعض الصحابة أن الله لعن المتكلفين و قال صلى الله عليه وسلم أنا والأتقياء من أمتي برآء من التكلف حديث أنا وأمتي برآء من التكلف أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث الزبير بن العوام ألا إني بريء من التكلف وصالحو أمتي وإسناده ضعيف و قال بعضهم إذا عمل الرجل في بيت أخيه أربع خصال فقد تم أنسه به حديث إذا صنع الرجل في بيت أخيه أربع خصال فقد تم أنسه الحديث لم أجد له أصلا إذا أكل عنده ودخل الخلاء و صلى ونام فذكر ذلك لبعض المشايخ فقال بقيت خامسة وهو أن يحضر مع الأهل في بيت أخيه ويجامعها لأن البيت يتخذ للاستخفاء في الأمور الخمس وإلا فالمساجد أروح لقلوب المتعبدين فإذا فعل هذه الخمس فقد تم الإخاء وارتفعت الحشمة وتأكد الانبساط و قول العرب في تسليمهم يشير إلى ذلك إذ يقول أحدهم لصاحبه مرحبا وأهلا وسهلا أي لك عندنا مرحب وهو السعة في القلب و المكان ولك عندنا أهل تأنس بهم بلا وحشة لك منا ولك عندنا سهولة في ذلك كله أي لا يشتد علينا مما تريد ولا يتم التخفيف وترك التكلف إلا بأن يرى نفسه دون إخوانه ويحسن الظن بهم ويسيء الظن بنفسه فإذا رآهم خيرا من نفسه فعند ذلك يكون هو خيرا منهم و قال أبو معاوية الأسود إخواني كلهم خير مني قيل وكيف ذلك قال كلهم يرى لي الفضل عليه ومن فضلنى على نفسه فهو خير مني وقد قال صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له حديث المرء على دين خليله ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له تقدم الشطر الأول منه في الباب قبله واما الشطر الثاني فرواه ابن عدي في الكامل من حديث أنس بسند ضعيف فهذه اقل الدرجات وهو النظر بعين المساواة و الكمال في رؤية الفضل للأخ ولذلك قال سفيان إذا قيل لك ياشر الناس فغضبت فأنت شر الناس أي ينبغي أن تكون معتقدا ذلك في نفسك أبدا وسيأتي وجه ذلك في كتاب الكبر و العجب وقد قيل في معنى التواضع ورؤية الفضل للإخوان أبيات تذلل لمن إن تذللت له يرى ذاك للفضل لا للبله وجانب صداقة من لا يزا ل على الأصدقاء يرى الفضل له و قال آخر كم صديق عرفته بصديق صار أحظى من الصديق العتيق ورفيق رأيته في طريق صار عندي هو الصديق الحقيقي ومهما رأى الفضل لنفسه فقد احتقر أخاه وهذا في عموم المسلمين مذموم قال صلى الله عليه وسلم بحسب المؤمن من الشر أن يحقر أخاه المسلم حديث بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وتقدم في أثناء حديث لا تدابروا في هذا الباب ومن تتمة الانبساط وترك التكلف أن يشاور إخوانه في كل ما يقصده ويقبل إشاراتهم فقد قال تعالى وشاورهم في الأمر و ينبغي أن لا يخفي عنهم شيئا من أسراره كما روى أن يعقوب ابن أخي معروف قال جاء اسود بن سالم إلى عمي معروف وكان مواخيا له فقال أن بشر بن الحرث يحب مؤاخاتك وهو يستحي أن يشافهك بذلك وقد أرسلني إليك يسألك أن تعقد له فيما بينك وبينه اخوة يحتسبها ويعتد بها إلا أنه يشترط فيها شروطا لا يحب أن يشتهر بذلك ولا يكون بينك وبينه مزاورة ولا ملاقاة فإنه يكره كثرة الالتقاء فقال معروف أما أنا لو آخيت أحدا لم احب مفارقته ليلا ولا نهارا ولزرته في كل وقت وآثرته على نفسي في كل حال ثم ذكر من فضل الأخوة و الحب في الله أحاديث كثيرة ثم قال فيها و قد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فشاركه في العلم حديث آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وشاركه في العلم أخرجه النسائي في الخصائص من سننه الكبرى من حديث علي قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب الحديث وفيه فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم إليه أحد فقمت إليه وفيه حتى إذا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي وله وللحاكم من حديث ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم و الله إني لأخوه ووليه ووارث علمه الحديث وكل ما ورد في أخوته فضعيف لا يصح منه شيء وللترمذي من حديث ابن عمر وأنت أخي في الدنيا و الآخرة و للحاكم من حديث ابن عباس أنا مدينة العلم و علي بابها وقال صحيح الإسناد و قال ابن حبان لا اصل له و قال ابن طاهر انه موضوع وللترمذي من حديث علي أنا دار الحكمة وعلي بابها و قال غريب وقاسمه في البدن حديث مقاسمته عليا للبدن أخرجه مسلم في حديث جابر الطويل ثم أعطى عليا فنحر ما عبر وأشركه في هديه وأنكحه أفضل بناته وأحبهن إليه وخصه بذلك لمؤاخاته حديث انه أنكح عليا أفضل بناته وأحبهم إليه هذا معلوم مشهور ففي الصحيحين من حديث علي لما أردت أن أبتنى بفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم واعدت رجلا صواغا الحديث وللحاكم من حديث أم أيمن زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا الحديث و قال صحيح الإسناد وفي الصحيحين من حديث عائشة عن فاطمة يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين الحديث وأنا أشهدك أني قد عقدت له أخوة بيني وبينه وعقدت إخاءه في الله لرسالتك ولمسألته على أن لا يزورني إن كره ذلك ولكني ازوره متى أحببت ومره أن يلقاني في مواضع نلتقي بها ومره أن لا يخفي علي شيئا من شأنه وان يطلعني على جميع أحواله فأخبر ابن سالم بشرا بذلك فرضى وسلا به فهذا جامع حقوق الصحبة وقد أجملناه مرة وفصلناه أخرى ولا يتم ذلك إلا بأن تكون على نفسك للإخوان ولا تكون لنفسك عليهم وان تنزل نفسك منزلة الخادم لهم فتقيد بحقوقهم جميع جوارك أما البصر فبأن تنظر إليهم نظر مودة يعرفونها منك وتنظر إلى محاسنهم وتتعامى عن عيوبهم ولا تصرف بصرك عنهم في وقت إقبالهم عليك وكلامهم معك روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يعطي كل من جلس إليه نصيبا من وجهه وما استصغاه أحد إلا ظن انه أكرم الناس عليه حتى كان مجلسه وسمعه وحديثه ولطيف مسألته وتوجهه للجالس إليه حديث كان يعطي كل من جلس إليه نصيبه من وجهه الحديث أخرجه الترمذي في الشمائل من حديث علي في أثناء حديث فيه يعطي كل جلسائه نصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه ممن جالسه ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ثم قال مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة وفيه يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه و للترمذي من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء ما رأيت أحدا اكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غريب وكان مجلسه مجلس حياء وتواضع وأمانة وكان عليه السلام اكثر الناس تبسما وضحكا في وجوه أصحابه وتعجبا مما يحدثونه به وكان ضحك أصحابه عنده التبسم اقتداء منهم بفعله وتوقيرا له عليه السلام وأما السمع فبأن تسمع كلامه متلذذا بسماعه ومصدقا به ومظهرا للاستبشار به ولا تقطع حديثهم عليهم بمرادة ولا منازعة ومداخلة واعتراض فإن أرهقك عارض اعتذرت إليهم وتحرس سمعك عن سماع ما يكرهون وأما اللسان فقد ذكرنا حقوقه فإن القول فيه يطول ومن ذلك أن لا يرفع صوته عليهم ولا يخاطبهم إلا بما يفقهون و أما اليدان فأن لا يقبضهما عن معاونتهم في كل ما يتعاطى باليد و أما الرجلان فأن يمشي بهما وراءهم مشى الأتباع لا مشي المتبوعين ولا يتقدمهم إلا بقدر ما يقدمونه ولا يقرب منهم إلا بقدر ما يقربونه ويقوم لهم إذا أقبلوا ولا يقعد إلا بقعودهم ويقعد متواضعا حيث يقعد ومهما تم الاتحاد خف حمله من هذه الحقوق مثل القيام و الاعتذار و الثناء فإنها من حقوق الصحبة وفي ضمنها نوع من الأجنبية و التكلف فإذا تم الاتحاد انطوى بساط التكلف بالكلية فلا يسلك به إلا مسلك نفسه لأن هذه الآداب الظاهرة عنوان آداب الباطن وصفاء القلب ومهما صفت القلوب استغني عن تكلف إظهار ما فيها ومن كان نظره إلى صحبة الخلق فتارة يعوج وتارة يستقيم ومن كان نظره إلى الخالق لزم الاستقامة ظاهرا وباطنا وزين باطنه بالحب لله ولخلقه وزين ظاهره بالعبادة لله و الخدمة لعباده فإنها أعلى أنواع الخدمة لله إذ لا وصول إليه إلا بحسن الخلق ويدرك العبد بحسن خلقه درجة القائم الصائم وزيادة خاتمة لهذا الباب نذكر فيها جملة آداب العشرة و المجالسة مع أصناف الخلق ملتقطة من كلام بعض الحكماء أن أردت حسن العشرة فالق صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم وتوقير من غير كبر وتواضع مي غير مذلة وكن في جميع أمورك في أوسطها فكلا طرفي قصد الأمور ذميم ولا تنظر في عطفيك ولا تكثر الالتفات ولا تقف على الجماعات وإذا جلست فلا تستوفز وتحفظ من تشبيك أصابعك و العبث بلحيتك وخاتمك وتخليل أسنانك وإدخال أصبعك في أنفك وكثرة بصاقك وتنخمك وطرد الذباب من وجهك وكثر التمطي و التثاؤب في وجوه الناس وفي الصلاة وغيرهما وليكن مجلسك هاديا وحديثك منظوما مرتبا واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك من غير إظهار تعجب مفرط ولا تسأله إعادته واسكت عن المضاحك و الحكايات ولا تحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك ولا شعرك ولا تصنيفك وسائر ما يخصك ولا تتصنع تصنع المرأة في التزين ولا تتبذل تبذل العبد وتوق كثرة الكحل و الإسراف في الدهن ولا تلح في الحاجات ولا تشجع أحدا على الظلم ولا تعلم اهلك وولدك فضلا عن غيرهم مقدار مالك فإنهم إن رأوه قليلا هنت عندهم وإن كان كثيرا لم تبلغ قط رضاهم وخوفهم من غير عنف ولن لهم من غير ضعف ولا تهازل أمتك ولا عبدك فيسقط وقارك وإذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وتجنب عجلتك وتفكر في حجتك ولا تكثر الإشارة بيديك ولا تكثر الالتفات إلى من وراءك ولا تجث على ركبتيك وإذا هدأ غيظك فتكلم وان قربك سلطان فكن منه على مثل حد السنان فإن استرسل عليك فلا تأمن انقلابه علبك وارفق به رفقك بالصبي وكلمه بما يشتهيه ما لم يكن معصية ولا يحملنك لطفه بك أن تدخل بينه وبين أهله وولده وحشمه وإن كنت لذلك مستحقا عنده فإن سقطة الداخل بين الملك وبين أهله سقطه لا تنعش وزلة لا تقال وإياك وصديق العافية فإنه أعدى الأعداء ولا تجعل مالك أكرم من عرضك وإذا دخلت مجلسا فالأدب فيه البداية بالتسليم وترك التخطى لمن سبق و الجلوس حيث اتسع وحيث يكون اقرب إلى التواضع وان تحيي بالسلام من قرب منك عند الجلوس ولا تجلس على الطريق فإن جلست فأدبه غض البصر ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وعون الضعيف وإرشاد الضال ورد السلام وإعطاء السائل و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر والارتياد لموضع البصاق ولا تبصق في جهة القبلة ولا عن يمينك ولكن عن يسارك وتحت قدمك اليسرى ولا تجالس الملوك فإن فعلت فأدبه ترك الغيبة ومجانبة الكذب وصيانة السر وقلة الحوائج وتهذيب الألفاظ و الإعراب في الخطاب و المذاكرة بأخلاق الملوك وقلة المداعبة وكثرة الحذر منهم وإن ظهرت لك المودة وأن لا تتجشأ بحضرتهم ولا تخلل بعد الأكل عنده وعلى الملك أن يحتمل كل شي إلا إفشاء السر و القدح في الملك و التعرض للحرم ولا تجالس العامة فإن فعلت فأدبه ترك الخوض في حديثهم وقلة الإصغاء إلى أراجيفهم و التغافل عما يجري من سوء ألفاظهم وقلة اللقاء لهم مع الحاجة إليهم و إياك أن تمازح لبيبا أو غير لبيب فإن اللبيب يحقد عليك و السفيه يجتريء عليك لأن المزاح يخرق الهيبة ويسقط ماء الوجه ويعقب الحقد ويذهب بحلاوة الود ويشين فقه الفقيه ويجريء السفيه ويسقط المنزلة عند الحكيم ويمقته المتقون وهو يميت القلب ويباعد عن الرب تعالى ويكسب الغفلة ويورث الذلة و به تظلم السرائر وتموت الخواطر وبه تكثر العيوب وتبين الذنوب وقد قيل لا يكون المزاح إلا من سخف أو بطر ومن بلي في مجلس بمزاح أو لغط فليذكر الله عند قيامه قال النبي صلى الله عليه وسلم من جلس في مجلس فكثر به لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك حديث من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه الباب الثالث في حق المسلم و الرحم و الجوار و الملك وكيفية المعاشرة مع من يدلى بهذه الأسباب اعلم أن الإنسان إما أن يكون وحده أو مع غيره وإذا تعذر عيش الإنسان إلا بمخالطة من هو من جنسه لم يكن له بد من تعلم آداب المخالطة وكل مخالط ففي مخالطته أدب و الأدب على قدر حقه وحقه على قدر رابطته التي بها وقعت المخالطة والرابطة إما القرابة وهي أخصها أو أخوة الإسلام وهي أعمها وينطوي في معنى الاخوة الصداقة و الصحبة وإما الجوار وإما صحبة السفر و المكتب و الدرس وإما الصداقة أو الأخوة ولكل واحد من هذه الروابط درجات فالقرابة لها حق ولكن حق الرحم المحرم آكد وللمحرم حق ولكن حق الوالدين آكد وكذلك حق الجار ولكن يختلف بحسب قربه من الدار وبعده ويظهر التفاوت عند النسبة حتى أن البلدي في بلاد الغربة يجري مجرى القريب في الوطن لاختصاصه بحق الجوار في البلد وكذلك حق المسلم يتأكد بتأكد المعرفة وللمعارف درجات فليس حق الذي عرف بالمشاهدة كحق الذي عرف بالسماع بل آكد منه و المعرفة بعد وقوعها تتأكد بالاختلاط وكذلك الصحبة تتفاوت درجاتها فحق الصحبة في الدرس و المكتب آكد من حق صحبة السفر وكذلك الصداقة تتفاوت فإنها إذا قويت صارت أخوة فإن ازدادت صارت محبة فإن ازدادت صارت خلة و الخليل أقرب من الحبيب فالمحبة ما تتمكن من حبة القلب والخلة ما تتخلل سر القلب فكل خليل حبيب وليس كل حبيب خليلا وتفاوت درجات الصداقة لا يخفي بحكم المشاهدة و التجربة فأما كون الخلة فوق الأخوة فمعناه أن لفظ الخلة عبارة عن حالة هي أتم من الاخوة وتعرفه من قوله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله حديث لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا الحديث متفق عليه من حديث أبي سعيد أبي سعيد الخدري إذا الخليل هو الذي يتخلل الحب جميع أجزاء قلبه ظاهرا وباطنا ويستوعبه ولم يستوعب قلبه عليه السلام سوى حب الله وقد منعته الخلة عن الاشتراك فيه مع انه اتخذ عليا رضي الله عنه أخا فقال علي مني بمنزلة هرون من موسى إلا النبوة حديث علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص فعدل بعلي عن النبوة كما عدل بأبي بكر عن الخلة فشارك أبو بكر عليا رضي الله عنهما في الاخوة وزاد عليه بمقاربة الخلة وأهليته لها لو كان للشركة في الخلة مجال فإنه نبه عليه بقوله لاتخذت أبا بكر خليلا وكان صلى الله عليه وسلم حبيب الله وخليله وقد روى انه صعد المنبر يوما مستبشرا فرحا فقال أن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فأنا حبيب الله وأنا خليل الله تعالى حديث أن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف دون قوله فأنا حبيب الله وأنا خليل الله فإذن ليس قبل المعرفة رابطة ولا بعد الخلة درجة وما سواهما من الدرجات بينهما وقد ذكرنا حق الصحبة و الأخوة ويدخل فيهما ما وراءهما من المحبة و الخلة وإنما تتفاوت الرتب في تلك الحقوق كما سبق بحسب تفاوت المحبة و الأخوة حتى ينتهي أقصاها إلى أن يوجب الإيثار بالنفس و المال كما آثر أبو بكر رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم وكما آثره طلحة ببدنه إذ جعل نفسه وقاية لشخصه العزيز صلى الله عليه وسلم فنحر الآن نريد أن نذكر حق أخوة الإسلام وحق الرحم وحق الوالدين وحق الجوار وحق الملك أعني ملك اليمين فإن ملك النكاح قد ذكرنا حقوقه في كتاب آداب النكاح حقوق المسلم هي أن تسلم عليه إذا لقيته وتجيبه إذا دعاك وتشمته إذا عطس وتعوده إذا مرض وتشهد جنازته إذا مات وتبر قسمه إذا أقسم عليك وتنصح له إذا استنصحك وتحفظه بظهر الغيب إذا غاب عنك وتحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك هو أن يسلم عليه إذا لقيه فذكر عشر خصال أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس وفي رواية لمسلم حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته تسلم عليه وزاد وإذا استنصحك فانصح له وللترمذي وابن ماجه من حديث علي للمسلم على المسلم ست فذكر منها ويحب له ما يحب لنفسه و قال وينصح له إذا غاب أو شهد ولأحمد من حديث معاذ وان تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وفي الصحيحين من حديث والبراء أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع فذكر منها وابرار القسم ونصر الظلوم ورد جميع ذلك في إخبار وآثار وقد روى انس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أربع من حق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وان تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وان تحب تائبهم حديث انس أربع من حقوق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وان تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وان تحب تائبهم ذكره صاحب الفردوس ولم أجد له إسنادا و قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى رحماء بينهم قال يدعو صالحهم لطالحهم وطالحهم لصالحهم فإذا نظر الطالح إلى الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وانفعنا به إذا نظر الصالح إلى الطالح قال اللهم اهده وتب عليه واغفر له عثرته ومنها أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه قال النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى و السهر حديث النعمان بن بشير مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الحديث متفق عليه وروى أبو موسى عنه صلى الله عليه وسلم انه قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا حديث أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا متفق عليه ومنها أن لا يؤذي أحدا من المسلمين بفعل ولا قول قال صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده حديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل يأمر فيه بالفضائل فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك حديث فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك متفق عليه من حديث أبي ذر و قال أيضا أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده حديث أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده متفق عليه من حديث أبي موسى و قال صلى الله عليه وسلم أتدرون من المسلم فقالوا الله ورسوله أعلم قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده قالوا فمن المؤمن قال من أمنه المؤمنين على أنفسهم وأموالهم قالوا فمن المهاجر قال من هجر السوء واجتنبه حديث اتدرون من المسلم قالوا الله ورسوله اعلم قال المسلم من سلم من لسانه ويده أخرجه الطبراني و الحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد إلا أخبركم بالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وانفسهم و المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده و المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله و المهاجر من هجر الخطايا و الذنوب ورواه ابن ماجه مقتصرا على المؤمن و المهاجر و للحاكم من حديث انس قال على شرط مسلم و المهاجر من هجر السوء ولأحمد بإسناد صحيح من حديث عمر بن عبسة قال رجل يا رسول الله ما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك و قال رجل يا رسول الله ما الإسلام قال أن يسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك و قال مجاهد يسلط على أهل النار الجرب فيحتكون حتى يبدو عظم أحدهم من جلده فينادي يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقول هذا بما كنت تؤذي المؤمنين و قال صلى الله عليه وسلم لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين حديث لقد رأيت رجلا في الجنة يتقلب في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة و قال أبو هريرة رضي الله عنه يا رسول الله علمني شيئا انتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين حديث أبي هريرة يا رسول الله علمني شيئا انتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين أخرجه مسلم من حديث أبي برزة قال قلت يا بني الله فذكره و قال صلى الله عليه وسلم من زحرج عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة ومن كتب الله له حسنة أوجب له بها الجنة حديث من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له بها حسنة ومن كتب له بها حسنة أوجب له بها الجنة رواه احمد من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيه وقال لا يحل لمسلم أن يروع مسلما حديث لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظر يؤذيه أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية حمزة بن عبيد مرسلا بسند ضعيف وفي البر و الصلة له من زيادات الحسين المروزى حمزة بن عبد الله بن أبي سمى وهو الصواب و قال صلى الله عليه وسلم أن الله يكره أذى المؤمنين حديث أن الله تعالى يكره أذى المؤمنين أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية عكرمة بن خالد مرسلا بإسناد جيد و قال الربيع ابن خيثم الناس رجلان مؤمن فلا تؤذه وجاهل فلا تجاهله ومنها أن يتواضع لكل مسلم ولا يتكبر عليه فإن الله لا يحب كل مختال فخور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد حديث أن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفجر أحد على أحد أخرجه أبو داود وابن ماجه و اللفظ له من حديث عياض بن جماز ورجاله رجال الصحيح ثم أن تفاخر عليه غيره فليحتمل قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وعن ابن أبي أوفى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتواضع لكل مسلم ولا يأنف ولا يتكبر أن يمشي مع الأرملة و المسكين فيقضى حاجته حديث ابن أبي أوفى كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة و السكين فيقضي حاجته أخرجه النسائي بإسناد صحيح والحاكم وقال على شرط الشيخين ومنها أن لا يسمع بلاغات الناس بعضهم على بعض ولا يبلغ بعضهم ما يسمع من بعض قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة قتات حديث لا يدخل الجنة قتات متفق عليه من حديث أبي أيوب وقال الخليل بن احمد من نم لك نم عليك ومن أخبرك بخير غيرك أخبر غيرك بخبرك ومنها أن لا يزيد في الهجر لمن يعرفه على ثلاثة أيام مهما غضب عليه قال أبو آيوب الأنصاري قال صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث الحديث متفق عليه وقد قال صلى الله عليه وسلم من أقال مسلما عثرته أقاله الله يوم القيامة حديث من أقال مسلما عثرته أقاله الله يوم القيامة أخرجه أبو داود و الحاكم وقد تقدم قال عكرمة قال الله تعالى ليوسف بن يعقوب بعفوك عن إخوانك رفعت ذكرك في الدارين قالت عائشة رضي الله عنها ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله حديث عائشة ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تصاب حرمة الله فينتقم لله متفق عليه بلفظ إلا أن تنتهك وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا و قال صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة وما زاد الله رجلا بعفو إلا عزا وما من أحد تواضع لله إلا رفعه الله حديث ما نقص مال من صدقة وما زاد الله بعفو رجلا إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ومنها أن يحسن إلى كل من قدر عليه منهم ما استطاع لا يميز بين الأهل وغير الأهل روى علي بن الحسين على أبيه عن جده رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله فإن أصبت أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فأنت من أهله حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده اصنع المعروف إلى أهله فإن لم تصب أهله فأنت أهله ذكره الدارقطني في العلل وهو ضعيف ورواه القضاعي في مسند الشهاب من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرسلا بسند ضعيف وعنه بإسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع المعروف إلى كل بر وفاجر حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس واصطناع المعروف إلى كل بر وفاجر أخرجه الطبراني في الأوسط والخطابي في تاريخ الطالبين وعند أبو نعيم في الحلية دون قوله واصطناع إلى آخره و قال الطبراني التحبب قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها ولم تكن ترى ركبته خارجة عن ركبة جليسه ولم يكن أحد يكلمه إلا أقبل عليه بوجهه ثم لم يصرفه عنه حتى يفرغ من كلامه حديث أبي هريرة كان لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن ولأبي داود و الترمذي وابن ماجه نحوه من حديث انس بسند ضعيف ومنها أن لا يدخل على أحد منهم إلا بإذنه بل يستأذن ثلاثا فإن لم يؤذن له انصرف قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستئذان ثلاث فالأولى يستنصتون و الثانية يستصلحون و الثالثة يأذنون أو يردون حديث أبي هريرة الاستئذان ثلاث فالأولى يستنصتون و الثانية يستصلحون و الثالثة يأذنون أو يردون أخرجه الدارقطني في الأفراد بسند ضعيف وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الاستئذان ثلاث فإن أذن لك و إلا فارجع ومنها أن يخالق الجميع بخلق حسن ويعاملهم بحسب طريقته فإنه إن أراد لقاء الجاهل بالعلم و الأمي بالفقه و العيي بالبيان آذى وتآذى ومنها أن يوقر المشايخ ويرحم الصبيان قال جابر رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا حديث جابر ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف وهو عند أبي داود و البخاري في الأدب من حديث عبد الله بن عمرو بسند حسن و قال صلى الله عليه وسلم من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم حديث من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم أخرجه أبو داود من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد حسن ومن تمام توقير المشايخ أن لا يتكلم بين أيديهم إلا بالإذن و قال جابر قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم مه فأين الكبير حديث جابر قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم مه فأين الكبير أخرجه الحاكم وصححه وفي الخبر وما وقر شاب شيخا إلا قيض الله له في سنه من يوقره حديث ما وقر شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له في سنه من يوقره أخرجه الترمذي من حديث انس بلفظ ما اكرم ومن يكرمه وقال حديث غريب وفي بعض النسخ حسن وفيه أبو الرجال وهو ضعيف وهذه بشارة بدوام الحياة فليتنبه لها فلا يوفق لتوقير المشايخ إلا من قضى الله له بطول العمر و قال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظا و المطر قيظا وتفيض اللئام فيضا وتغيض الكرام غيضا ويجتريء الصغير على الكبير و اللئيم على الكريم حديث لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظا والمطر قيظا الحديث رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عائشة والطبراني من حديث ابن مسعود وإسنادهما ضعيف و التلطف بالصبيان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث التلطف بالصبيان أخرجه البزار من حديث انس كان من أفكه الناس مع صبي وقد تقدم في النكاح وفي الصحيحين يا أبا عمير ما فعل النعير وغير ذلك كان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم حديث كان يقدم من السفر فتتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه الحديث رواه مسلم من حديث عبد الله بن جعفر كان إذا قدم من سفر تلقى بنا قال فيلقى بي وبالحسن وقال فحمل أحدنا بين يديه و الآخر خلفه وفي رواية تلقى بصبيان أهل بيته وانه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردف خلفه وفي الصحيحين أن عبد الله بن جعفر قال لابن الزبير أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس قال نعم فحملنا وتركك لفظ مسلم وقال البخاري أن ابن الزبير قال لابن جعفر فالله اعلم فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك فيقول بعضهم لبعض حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وحملك أنت وراءه ويقول بعضهم أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة وليسميه فيأخذه فيضعه في حجره فربما بال الصبي فيصيح به بعض من يراه فيقول لا تزرموا الصبي بوله فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ من دعائه له وتسميته ويبلغ سرور أهله فيه لئلا يروا انه تأذى ببوله فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده حديث كان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة ويسميه فيأخذه ويضعه في حجره فربما بال الصبي فيصبح به بعض من رآه الحديث رواه مسلم من حديث عائشة كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى بعصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله واصله متفق عليه وفي رواية لأحمد فيدعو لهم وفيه صبوا عليه الماء صبا و للدارقطني بال ابن الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ به أخذا عنيفا الحديث وفيه الحجاج بن أرطاة ضعيف ولأحمد بن منبع من حديث حسن بن علي عن امرأة منهم بيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا على ظهره يلاعب صبيا إذ بال فقامت لتأخذه وتضربه فقال دعيه ائتوني بكوز من ماء الحديث وإسناده صحيح ومنها أن يكون مع كافة الخلق مستبشرا طلق الوجه رفيقا قال صلى الله عليه وسلم أتدرون على من حرمت النار قالوا الله ورسوله أعلم قال على اللين الهين السهل القريب حديث أتدرون على من حرمت النار قالوا الله ورسوله اعلم قال على الهين اللين السهل القريب أخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود ولم يقل اللين وذكرها الخرائطي من رواية محمد بن أبي معيقيب عن أمه قال الترمذي حسن غريب وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب السهل الطلق الوجه حديث أبي هريرة أن الله يحب السهل الطلق أخرجه البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف ورواه من رواية مورق العجلي مرسلا و قال بعضهم يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فقال إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام حديث أن من واجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه و الطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق و اللفظ له والبيهقي في شعب الإيمان من حديث هانيء بن يزيد بإسناد جيد وقال عبد الله بن عمر إن البر شيء هين وجه طليق وكلام لين وقال صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة حديث اتقوا النار ولو بشق تمرة الحديث متفق عليه من حديث عدي بن حاتم وتقدم في الزكاة و قال صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل و الناس نيام حديث أن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها الحديث أخرجه الترمذي من حديث علي وقال حديث غريب قلت وهو ضعيف وقال معاذ بن جبل قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث ووفاء العهد وأداء الأمانة وترك الخيانة وحفظ الجار ورحمة اليتيم ولين الكلام وبذل السلام وخفض الجناح حديث معاذ أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق و البيهقي في كتاب الزهد وأبو نعيم في الحلية ولم يقل البيهقي وخفض الجناح وإسناد ضعيف و قال أنس رضي الله عنه عرضت لنبي الله صلى الله عليه وسلم امرأة وقالت لي معك حاجة وكان معه ناس من أصحابه فقال اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك ففعلت فجلس إليها حتى قضت حاجتها حديث انس عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وقلت لي معك حاجة فقال اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك الحديث رواه مسلم وقال وهب بن منبه إن رجلا من بني إسرائيل صام سبعين سنة يفطر في كل سبعة أيام فسأل الله تعالى انه يريه كيف يغوي الشيطان الناس فلما طال عليه ذلك ولم يجب قال لو اطلعت على خطيئتي وذنبي بيني وبين ربي لكان خيرا لي من هذا الأمر الذي طلبته فأرسل الله إليه ملكا فقال له إن الله أرسلني إليك وهو يقول لك إن كلامك هذا الذي تكلمت به أحب إلي مما مضى من عبادتك وقد فتح الله بصرك فانظر فنظر فإذا جنود إبليس قد أحاطت بالأرض وإذا ليس أحد من الناس إلا و الشياطين حوله كالذئاب فقال أي رب من ينجو من هذا قال الورع اللين ومنها أن لا يعد مسلما بوعد إلا ويفي به قال صلى الله عليه وسلم العدة عطية حديث العدة عطية أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث فباث بن أشيم بسند ضعيف وقال العدة دين حديث العدة دين رواه الطبراني في معجميه الأوسط و الأصفر من حديث علي وابن مسعود بسند فيه جهالة ورواه أبو داود في المراسيل وقال ثلاث في المنافق إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان حديث ثلاث في المنافق إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان متفق عليه من حديث أبي هريرة ونحوه وقال ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى حديث ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى رواه البخاري من حديث أبي هريرة وأصله متفق عليه ولفظ مسلم وان صام وصلى وزعم أنه مسلم وهذا ليس في البخاري وذكر ذلك ومنها أن ينصف الناس من نفسه ولا يأتي إليهم إلا بما يحب أن يؤتى إليه قال صلى الله عليه وسلم لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الانفاق من الإقتار و الإنصاف من نفسه وبذل السلام حديث لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الإنفاق من الإقتار و الإنصاف من نفسه وبذل السلام أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمار بن ياسر ووقفه البخاري عليه وقال عليه السلام من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه حديث من سره أن يزحزح عن النار فلتأته منيته وهو يشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه و الخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظه وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا الدرداء احسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا واحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما حديث يا أبا الدرداء احسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف والمعروف أنه قاله لأبي هريرة وقد تقدم قال الحسن أوحى الله تعالى إلى آدم صلى الله عليه وسلم بأربع خصال وقال فيهن جماع الأمر لك ولولدك واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين الخلق فأما التي لي تعبدني ولا تشرك بي شيئا وأما التي لك فعملك اجزيك به أفقر ما تكون إليه وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بنيك وبين الناس فتصحبهم بالذي تحب أن يصحبوك به وسأل موسى عليه السلام الله تعالى فقال أي رب أي عبادك أعدل قال من أنصف من نفسه ومنها أن يزيد في توقير من تدل هيئته وثيابه على علو منزلته فينزل الناس منازلهم روى أن عائشة رضي الله عنها كانت في سفر فنزلت منزلا فوضعت طعامها فجاء سائل فقالت عائشة ناولوا هذا المسكين قرصا ثم مر رجل على دابة فقالت ادعوه إلى الطعام فقيل لها تعطين المسكين وتدعين هذا الغني فقالت أن الله تعالى انزل الناس منازل لا بد لنا من أن ننزلهم تلك المنازل هذا المسكين يرضى بقرص وقبيح بنا أن نعطي هذا الغني على هذه الهيئة قرصا وروى انه صلى الله عليه وسلم دخل بعض بيوته فدخل عليه أصحابه حتى غص المجلس وامتلأ فجاء جرير بن عبد الله البجلي فلم يجد مكانا فقعد على الباب فلف رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه فألقاه إليه وقال له اجلس على هذا فأخذه جرير ووضعه على وجهه وجعل يقبله ويبكي ثم لفه ورمى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما كنت لأجلس على ثوبك أكرمك الله كما أكرمتني فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا ثم قال إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه حديث إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وفي أوله قصته في قدوم جرير بن عبد الله أخرجه الحاكم من حديث جابر وقال صحيح الإسناد وتقدم في الزكاة مختصرا وكذلك كل من له عليه حق قديم فليكرمه روى أن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه ثم قال لها مرحبا بأمي ثم أجلسها على الرداء ثم قال لها اشفعي تشفعي وسلي تعطي فقالت قومي فقال أما حقي وحق بني هاشم فهو ذلك فقام الناس من كل ناحية وقالوا وحقنا يا رسول الله ثم وصلها بعد وأخدمها ووهب لها سهمانه بحنين حديث إن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه الحديث أخرجه أبو داود و الحاكم وصححه من حديث أبي الطفيل مختصرا في بسط ردائه لها دون ما بعده فبيع ذلك من عثمان بن عفان رضي الله عنه بمائة ألف درهم ولربما أتاه من يأتيه وهو على وسادة جالس ولا يكون فيها سعة يجلس معه فينزعها ويضعها تحت الذي يجلس إليه فإن أبى عزم عليه حتى يفعل حديث نزعه صلى الله عليه وسلم وسادته ووضعها تحت الذي يجلس إليه أخرجه احمد من حديث ابن عمرو انه دخل عليه صلى الله عليه وسلم فألقى إليه وسادة من أدم حشوها ليف الحديث وإسناده صحيح و للطبراني من حديث سلمان دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاه إلى الحديث وسنده ضعيف قال صاحب الميزان هذا خبر ساقط ومنها أن يصلح ذات البين بين المسلمين مهما وجد إليه سبيلا قال صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة و الصيام و الصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة حديث ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة رواه أبو داود و الترمذي وصححه من حديث أبي الدرداء وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة إصلاح ذات البين حديث أفضل الصدقة إصلاح ذات البين أخرجه الطبراني في الكبير و الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عبد الله بن عمرو وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ضعفه الجمهور وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه انس رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما الذي أضحك قال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته فقال يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء فقال الله تعالى للطالب كيف تصنع بأخيك ولم يبق له من حسناته شيء فقال يا رب فليحمل عني من أوزاري ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء فقال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم قال فيقول الله تعالى أي للمتظلم ارفع بصرك فانظر في الجنان فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد قال الله تعالى هذا لمن أعطى الثمن قال يا رب ومن يملك ذلك قال أنت تملكه قال بماذا يا رب قال بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه فيقول الله تعالى خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال صلى الله عليه وسلم اتقوا واصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة حديث انس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وامي ما الذي أضحك قال رجلان من أمتي جيثا بين يدي الله عز وجل فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق و الحاكم وقال صحيح الإسناد وكذا أبو يعلى الموصلي خرجه بطول وضعفه البخاري وابن حبان وقد قال صلى الله عليه وسلم ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيرا حديث ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيرا أو نمى خيرا متفق عليه من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهذا يدل على وجوب الإصلاح بين الناس لأن ترك الكذب واجب ولا يسقط الواجب إلا بواجب آكد منه قال صلى الله عليه وسلم كل الكذب مكتوب إلا أن يكذب الرجل في الحرب حديث كل الكذب مكتوب إلا أن يكذب الرجل في الحرب الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث النواس بن سمعان وفيه انقطاع وضعف ولمسلم نحوه من حديث أم كلثوم بنت عقبة فإن الحرب خدعة أو يكذب بين اثنين فيصلح بينهما أو يكذب لامرأته ليرضيها ومنها أن يستر عورات المسلمين كلهم قال صلى الله عليه وسلم من ستر على مسلم ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة حديث من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وللشيخين من حديث ابن عمر من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة وقال لا يستر عبد عبدا إلا ستره الله يوم القيامة حديث لا يستر عبد عبدا إلا ستره الله يوم القيامة رواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لا يرى المؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه إلا دخل الجنة حديث أبي سعيد الخدري لا يرى امرؤ من أخيه عورة فيسترها عليه إلا دخل الجنة رواه الطبراني في الأوسط والصغير والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم لماعز لما أخبره لو سترته بثوبك كان خيرا لك حديث لو سترته بثوبك كان خيرا لك رواه أبو داود والنسائي من حديث نعيم بن هزال والحاكم من حديث هزال نفسه وقال صحيح الإسناد ونعيم مختلف في صحبته فإذن على المسلم أن يستر عورة نفسه فحق إسلامه واجب عليه كحق إسلام غيره قال أبو بكر رضي الله عنه لو وجدت شاربا لأحببت أن يستره الله ولو وجدت سارقا لأحببت أن يستره الله وروى أن عمر رضي الله عنه كان يعس بالمدينة ذات ليلة فرأى رجلا وامرأة على فاحشة فلما أصبح قال للناس أرأيتم لو أن إماما رأى رجلا وامرأة على فاحشة فأقام عليهما الحد ما كنتم فاعلين قالوا إنما أنت إمام فقال علي رضي الله عنه ليس ذلك لك إذا يقام عليك الحد إن الله لم يأمن على هذا الأمر أقل من أربعة شهود ثم تركهم ما شاء الله أن يتركهم ثم سألهم فقال القوم مقالتهم الأولى فقال علي رضي الله عنه مثل مقالته الأولى وهذا يشير إلى أن عمر رضي الله عنه كان مترددا في أن الوالي هل له أن يقضي بعلمه في حدود الله فلذلك راجعهم في معرض التقدير لا في معرض الإخبار خيفة من أن لا يكون له ذلك فيكون قاذفا بإخباره ومال رأى علي إلى أنه ليس له ذلك وهذا من أعظم الأدلة على طلب الشرع لستر الفواحش فإن أفحشها الزنا وقد نيط بأربعة من العدول يشاهدون ذلك منه في ذلك منها كالمرود في المكحلة وهذا قط لا يتفق وإن علمه القاضي تحقيقا لم يكن له أن يكشف عنه فانظر إلى الحكمة في حسم باب الفاحشة بإيجاب الرجم الذي هو أعظم العقوبات ثم انظر إلى كثيف ستر الله كيف أسبله على العصاة من خلقه بتضييق الطريق في كشفه فنرجو أن لا نحرم هذا الكرم يوم تبلى السرائر ففي الحديث إن الله إذا ستر على عبد عورته في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها في الآخرة وإن كشفها في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها مرة أخرى حديث إن الله إذا ستر على عبده عورة في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفه في الآخرة الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث علي من أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يرجع في شيء قد عفا عنه ومن أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب عليه فالله أعدل من أن يثني العقوبة على عبده لفظ الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولمسلم من حديث أبي هريرة لا ستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة وعن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه قال خرجت مع عمر رضي الله عنه ليلة في المدينة فبينما نحن نمشي إذ ظهر لنا سراج فانطلقنا نؤمه فلما دنونا منه إذا باب مغلق على قوم لهم أصوات ولغط فأخذ عمر بيدي وقال أتدري بيت من هذا قلت لا فقال هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى قلت أرى أنا قد أتينا ما نهانا الله عنه قال الله تعالى ولا تجسسوا فرجع عمر رضي الله عنه وتركهم وهذا يدل على وجوب الستر وترك التتبع وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم حديث إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم قاله لمعاوية أخرجه أبو داود بإسناد صحيح من حديث معاوية وقال صلى الله عليه وسلم يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو كان في جوف بيته حديث يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم الحديث أخرجه أبو داود من حديث أبي برزة بإسناد جيد وللترمذي من حديث ابن عمر وحسنه وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لو رأيت أحدا على حد من حدود الله تعالى ما أخذته ولا دعوت له أحدا حتى يكون معي غيري وقال بعضهم كنت قاعدا مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ جاءه رجل بآخر فقال هذا نشوان فقال عبد الله بن مسعود استنكهوه فاستنكهوه فوجده نشوانا فحبسه حتى ذهب سكره ثم دعا بسوط فكسر ثمره ثم قال للجلاد اجلد وارفع يدك وأعط كل عضو حقه فجلده وعليه قباء أو مرط فلما فرغ قال للذي جاء به ما أنت منه قال عمه قال عبد الله ما أدبت فأحسنت الأدب ولا سترت الحرمة إنه ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه وإن الله عفو يحب العفو ثم قرأ وليعفوا وليصفحوا ثم قال إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطعه فكأنما أسف وجهه فقالوا يا رسول الله كأنك كرهت قطعه فقال وما يمنعني لا تكونوا عونا للشياطين على أخيكم فقالوا ألا عفوت عنه فقال إنه ينبغي للسلطان إذا انتهى إليه حد أن يقيمه إن الله عفو يجب العفو وقرأ وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم حديث ابن مسعود إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطعه فكأنما أسف وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد وللخرائطي في مكارم الأخلاق فكأنما سفي في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رماد الحديث وفي رواية فكأنما سفي في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رماد لشدة تغيره وروي أن عمر رضي الله عنه كان يعس بالمدينة من الليل فسمع صوت رجل في بيت يتغنى فتسور عليه فوجده عنده امرأة وعنده خمر فقال يا عدو الله أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته فقال وأنت يا أمير المؤمنين فلا تعجل فإن كنت قد عصيت الله واحدة فقد عصيت الله في ثلاثا قال الله تعالى ولا تجسسوا وقد تجسست وقال الله تعالى وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها وقد تسورت علي وقد قال الله تعالى لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآية وقد دخلت بيتي بغير إذن ولا سلام فقال عمر رضي الله عنه هل عندك من خير إن عفوت عنك قال نعم والله يا أمير المؤمنين لئن عفوت عني لا أعود إلى مثلها أبدا فعفا عنه وخرج وتركه وقال رجل لعبد الله بن عمر يا أبا عبد الرحمن كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة قال سمعته يقول إن الله ليدنى منه المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم يارب حتى إذا قرره بذنوبه فرأى في نفسه أنه قد هلك قال له يا عبدي إني لم أسترها عليك في الدنيا إلا وأنا أريد أن أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافرون والمنافقون فتقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين حديث ابن عمر إن الله عز وجل ليدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس فيقول أتعرف ذنب كذا الحديث متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى إلا المجاهرين حديث كل أمتي معافى إلا المجاهرين الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل السوء سرا ثم يخبر به وقال صلى الله عليه وسلم من استمع خبر قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة حديث من استمع من قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة رواه البخاري من حديث ابن عباس مرفوعا وموقوفا عليه وعلى أبي هريرة أيضا ومنها أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم عن العيبة فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا قال الله تعالى ولا تسبوا الذي يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم وقال صلى الله عليه وسلم كيف ترون من يسب أبويه فقالوا وهل من أحد يسب أبويه فقال نعم يسب أبوي غيره فيسبون أبويه حديث كيف ترون من سب أبويه فقالوا وهل من أحد يسب أبويه الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو ونحوه وقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا فلان هذه زوجتي صفية فقال يا رسول الله من كنت أظن فيه فإني لم أكن أظن فيك فقال إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فقال يا فلان هذه زوجتي فلانة الحديث وفيه إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم رواه مسلم وزاد في رواية إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا وكانا رجلين فقال على رسلكما إنها صفية الحديث حديث إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا وقال على رسلكما إنها صفية متفق عليه من حديث صفية وكانت قد زارته في العشر الأواخر من رمضان وقال عمر رضي الله عنه من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء به الظن ومر برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة فقال يا أمير المؤمنين إنها امرأتي فقال هلا حيث لا يراك أحد من الناس ومنها أن يشفع لكل من له حاجة من المسلمين إلى من له عنده منزلة ويسعى في قضاء حاجته بما يقدر عليه قال صلى الله عليه وسلم إني أوتى وأسأل وتطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا لتؤجروا ويقضي الله على يدي نبيه ما أحب حديث إني أوتى وأسأل وتطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا لتؤجروا الحديث متفق عليه من حديث أبي موسى نحوه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشفعوا إلي لتؤجروا إني أريد الأمر وأؤخره كي تشفعوا إلي فتؤجروا وقال صلى الله عليه وسلم ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان قيل وكيف ذلك قال الشفاعة يحقن بها الدم وتجر بها المنفعة إلى آخر ويدفع بها المكروه عن آخر حديث ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له في الكبير من حديث سمرة بن جندب ضعيف وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها وهو يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال صلى الله عليه وسلم للعباس ألا تعجب من شدة حب مغيث لبريرة وشدة بغضها له فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته فإنه أبو ولدك فقالت يا رسول الله أتأمرني فأفعل فقال لا إنما أنا شافع حديث عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها يبكي الحديث رواه البخاري ومنها أن يبدأ كل مسلم منهم بالسلام قبل الكلام ويصافحه عند السلام قال صلى الله عليه وسلم من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه حتى يبدأ بالسلام حديث من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في اليوم والليلة واللفظ له من حديث ابن عمر بسند فيه لين وقال بعضهم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسلم ولم أستأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل حديث دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسلم ولم أستأذن فقال صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث كلدة بن الحنبل وهو صاحب القصة وروى جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته حديث جابر إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وفيه ضعف وقال أنس رضي الله عنه خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ثمان حجج فقال لي يا أنس أسبغ الوضوء يزد في عمرك وسلم على من لقيته من أمتي تكثر حسناتك وإذا دخلت منزلك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك حديث أنس خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ثماني حجج فقال لي يا أنس أسبغ الوضوء يزد من عمرك وسلم على من لقيته من أمتي تكثر حسناتك وإذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في الشعب وإسناده ضعيف وللترمذي وصححه إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك وقال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المؤمنان فتصافحا قسمت بينهما سبعون مغفرة تسع وستون لأحسنهما بشرا وقال تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها وقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على عمل إذا عملتموه تحاببتم قالوا بلى يا رسول الله قال أفشوا السلام بينكم حديث والذي نفسي بيده لا تدخلو الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال أيضا إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة حديث إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة ذكره صاحب الفردوس من حديث أبي هريرة ولم يسنده ولده في المسند وقال صلى الله عليه وسلم إن الملائكة تعجب من المسلم يمر على المسلم ولا يسلم عليه حديث الملائكة تعجب من المسلم يمر على المسلم فلا يسلم عليه لم أقف له على أصل وقال صلى الله عليه وسلم يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم حديث يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم أحد أجزأ عنهم رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا ولأبي داود من حديث علي يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يسلم الراكب على الماشي الحديث وسيأتي في بقية الباب وقال قتادة كانت تحية من كان قبلكم السجود فأعطى الله تعالى هذه الأمة السلام وهي تحية أهل الجنة وكان أبو مسلم الخولاني يمر على قوم فلا يسلم عليهم ويقول ما يمنعني إلا أني أخشى أن لا يردوا فتلعنهم الملائكة والمصافحة أيضا سنة مع السلام وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فقال عليه السلام عشر حسنات فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال سلام عليك فقال صلى الله عليه وسلم عشر حسنات الحديث أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عمران ابن حصين قال الترمذي حسن غريب وقال البيهقي في الشعب إسناده حسن وكان أنس رضي الله عنه يمر على الصبيان فيسلم عليهم حديث أنس كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم ورفعه متفق عليه ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك وروى عبد الحميد ابن بهرام أنه صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة من الناس قعود فأومأ بيده بالسلام وأشار عبد الحميد بيده إلى الحكاية حديث عبد الحميد بن بهرام أنه صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة من الناس قعود فألوى بيده بالتسليم وأشار عبد الحميد بيده أخرجه الترمذي من رواية عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد وقال حسن وابن ماجه من رواية ابن أبي حسين عن شهر ورواه أبو داود وقال أحمد لا بأس به فقال صلى الله عليه وسلم لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه حديث لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام الحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصافحوا أهل الذمة ولا تبدءوهم بالسلام فإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطرق قالت عائشة رضي الله عنها إن رهطا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم قالت عائشة رضي الله عنها فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال عليه السلام يا عائشة إن الله يحب الرفق في كل شيء قالت عائشة ألم تسمع ما قالوا قال فقد قلت عليكم حديث عائشة إن رهطا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك الحديث متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير حديث يسلم الراكب على الماشي و الماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير متفق عليه من حديث أبي هريرة ولم يقل مسلم والصغير على الكبير وقال صلى الله عليه وسلم لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود بالإشارة بالأصابع وتسليم النصارى بالإشارة بالأكف حديث لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف أخرجه الترمذي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال إسناده ضعيف قال أبو عيسى إسناده ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الأخيرة حديث إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الأخيرة أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة وقال أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المؤمنان فتصافحا قسمت بينهما سبعون مغفرة تسعة وستون لأحسنهما بشرا حديث أنس إذا التقى المسلمان فتصافحا قسمت بينهما سبعون رحمة الحديث أخرجه الخرائطي بسند ضعيف وللطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مائة رحمة تسعة وتسعون لأبشهما وأطلقهما وأبرهما وأحسنهما مسالمة لأخيه وفيه الحسن بن كثير بن يحيى بن أبي كثير مجهول وقال عمر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا التقى المسلمان وسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا نزلت بينهما مائة رحمة للبادئ تسعون وللمصافح عشرة حديث عمر بن الخطاب إذا التقى المسلمان فسلم كل واحد على صاحبه وتصافحا نزلت بينهما مائة رحمة الحديث أخرجه البزار في مسنده والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في الشعب وفي إسناده نظر وقال الحسن المصافحة تزيد في الود وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمام تحياتكم المصافحة حديث أبي هريرة تمام تحياتكم بينكم المصافحة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الترمذي من حديث أبي أمامة وضعفه وقال صلى الله عليه وسلم قبلة المسلم أخاه المصافحة حديث قبلة المسلم أخاه المصافحة أخرجه الخرائطي وابن عدي من حديث أنس وقال غير محفوظ ولا بأس بقبلة يد المعظم في الدين تبركا به وتوقيرا له وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قبلنا يد النبي صلى الله عليه وسلم حديث ابن عمر قبلنا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود بسند حسن وعن كعب بن مالك قال لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده حديث كعب بن مالك لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده أخرجه أبو بكر بن المقري في كتاب الرخصة في تقبيل اليد بسند ضعيف وروي أن أعرابيا قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك ويدك قال فأذن له ففعل حديث أن أعرابيا قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك ويدك فأذن له ففعل أخرجه الحاكم من حديث بريدة إلا أنه قال رجليك موضع يدك وقال صحيح الإسناد ولقي أبو عبيدة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فصافحه وقبل يده وتنحيا يبكيان وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه ومد يده إليه فصافحه فقال يا رسول الله ما كنت أرى هذا إلا من أخلاق الأعاجم فقال رسول صلى الله عليه وسلم الله إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما حديث البراء بن عازب أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه ومد يده إليه فصافحه الحديث رواه الخرائطي بسند ضعيف وهو عند أبي داود والترمذي وابن ماجه مختصرا ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا قال الترمذي حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب أو قال وأفضل حديث إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب أخرجه الخرائطي والبيهقي في الشعب من حديث ابن مسعود مرفوعا وضعف البيهقي المرفوع ورواه موقوفا عليه بسند صحيح والانحناء عند السلام منهي عنه قال أنس رضي الله عنه قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال لا قال فيقبل بعضنا بعضا قال لا قال فيصافح بعضنا بعضا قال نعم حديث أنس قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال لا الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه وضعفه أحمد والبيهقي والالتزام والتقبيل قد ورد به الخبر عند القدوم من السفر حديث الالتزام والتقبيل عند القدوم من السفر أخرجه الترمذي من حديث عائشة قالت قدم زيد بن حارثة الحديث وفيه فاعتنقه وقبله وقال حسن غريب وقال أبو ذر رضي الله عنه ما لقيته صلى الله عليه وسلم إلا صافحني وطلبني يوما فلم أكن في البيت فلما أخبرت جئت وهو على سرير فالتزمني فكانت أجود وأجود حديث أبي ذر ما لقيته صلى الله عليه وسلم إلا صافحني الحديث أخرجه أبو داود وفيه رجل من عزة لم يسم وسماه البيهقي في الشعب عبد الله والأخذ بالركاب في توقير العلماء ورد به الأثر فعل ابن عباس ذلك بركاب زيد بن ثابت حديث أخذ ابن عباس بركاب زيد بن ثابت تقدم في العلم وأخذ عمر يغرز زيد حتى رفعه وقال هكذا فافعلوا بزيد وأصحاب زيد والقيام مكروه على سبيل الإعظام لا على سبيل الإكرام قال أنس ما كان شخص أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك حديث أنس ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال مرة إذا رأيتموني فلا تقوموا كما تصنع الأعاجم حديث إذا رأيتموني فلا تقوموا كما يصنع الأعاجم أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي أمامة وقال كما يقوم الأعاجم وفيه أبو العديس مجهول وقال صلى الله عليه وسلم من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار حديث من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار أخرجه أبو داود والترمذي من حديث معاوية وقال حسن وقال صلى الله عليه وسلم لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا حديث لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا متفق عليه من حديث ابن عمر وكانوا يحترزون عن ذلك لهذا النهي وقال صلى الله عليه وسلم إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا أحد أخاه فأوسع له فليأته فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه فإن لم يوسع له فلينظر إلى أوسع مكان يجده فيجلس فيه حديث إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه فأوسع يعني له فليجلس فإنه كرامة من الله عز وجل الحديث أخرجه البغوي في معجم الصحابة من حديث ابن شيبة ورجاله ثقات وابن شيبة هذا ذكره أبو موسى المديني في ذيله في الصحابة وقد رواه الطبراني في الكبير من رواية مصعب بن شيبة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخصر منه وشيبة بن جبير والد منصور ليست له صحبة وروي أنه سلم رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يجب حديث أن رجلا سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يجب أخرجه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ فلم يرد عليه فيكره السلام على من يقضي حاجته ويكره أن يقول ابتداء عليك السلام فإنه قاله رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم إن عليك السلام تحية الموتى قالها ثلاثا ثم قال إذا لقي أحدكم أخاه فليقل السلام عليكم ورحمة الله حديث قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السلام فقال إن عليك السلام تحية الميت الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن جري الهجيمي وهو صاحب القصة قال الترمذي حسن صحيح ويستحب للداخل إذا سلم ولم يجد مجلسا أن لا ينصرف بل يقعد وراء الصف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فوجد فرجة فجلس فيها وأما الثاني فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه حديث كان صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فوجد فرجة فجلس فيها الحديث متفق عليه من حديث أبي واقد الليثي وقال صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا حديث ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث البراء بن عازب وسلمت أم هانئ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال من هذه فقيل له أم هانئ فقال صلى الله عليه وسلم مرحبا بأم هانئ حديث سلمت أم هانئ عليه قال مرحبا بأم هانئ أخرجه مسلم من حديث أم هانئ ومنها أن يصون عرض أخيه المسلم ونفسه وماله عن ظلم غيره مهما قدر ويرد عنه ويناضل دونه وينصره فإن ذلك يجب عليه بمقتضى أخوة الإسلام روى أبو الدرداء أن رجلا نال من رجل عند رسول الله ??? ???? ???? ???? فرد عنه رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار حديث أبي الدرداء من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار أخرجه الترمذي وحسنه وقال صلى الله عليه وسلم ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة حديث ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة أخرجه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد بنحوه والخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الطبراني بهذا اللفظ من حديث أبي الدرداء وفيهما شهر بن حوشب وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره أذله الله بها في الدنيا والآخرة ومن ذكر عنده أخوه المسلم فنصره نصره الله تعالى في الدنيا والآخرة حديث أنس من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره ولو بكلمة أذله الله عز وجل بها في الدنيا والآخرة الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت مقتصرا على ما ذكر منه وإسناده ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم من حمى عن عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله تعالى له ملكا يحميه يوم القيامة من النار حديث من حمى عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله له ملكا يحميه يوم القيامة من النار أخرجه أبو داود من حديث معاذ بن أنس نحوه بسند ضعيف وقال جابر وأبو طلحة سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرئ مسلم ينصر مسلما في موضع ينتهك فيه عرضه ويستحل حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصره وما من امرئ خذل مسلما في موطن ينتهك فيه حرمته إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته حديث جابر وأبي طلحة ما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتهك فيه من عرضه ويستحل حرمته الحديث أخرجه أبو داود مع تقديم وتأخير واختلف في إسناده ومنها تشميت العاطس قال صلى الله عليه وسلم في العاطس يقول الحمد لله على كل حال ويقول الذي يشمته يرحمكم الله ويرد عليه العاطس فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم حديث يقول العاطس الحمد لله على كل حال ويقول الذي يشمته يرحمك الله ويقول هو يهديكم الله ويصلح بالكم أخرجه البخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة ولم يقل البخاري على كل حال وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا يقول إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين فإذا قال ذلك فليقل من عنده يرحمك الله فإذا قالوا ذلك فليقل يغفر الله لي ولكم حديث أبي مسعود إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين الحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة وقال حديث منكر ورواه أيضا أبو داود والترمذي من حديث سالم بن عبد الله واختلف في إسناده وشمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطسا ولم يشمت آخر فسأله عن ذلك فقال إنه حمد الله وأنت سكت حديث شمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطسا ولم يشمت آخر فسأله عن ذلك فقال إنه حمد الله وأنت سكت متفق عليه من حديث أنس وقال صلى الله عليه وسلم يشمت العاطس المسلم إذا عطس ثلاثا فإن زاد فهو زكام حديث شمتوا المسلم إذا عطس ثلاثا فإن زاد فهو زكام أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة شمت أخاك ثلاثا الحديث وإسناده جيد وروي أنه شمت عاطسا ثلاثا فعطس أخرى فقال إنك مزكوم حديث أنه شمت عاطسا فعطس أخرى فقال إنك مزكوم أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع وقال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته واستتر بثوبه أو يده حديث أبي هريرة كان إذا عطس غض صوته وستر بثوبه أو يده أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وفي رواية لأبي نعيم في اليوم والليلة خمر وجهه وفاه وروي خمر وجهه وقال أبو موسى الأشعري كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله حديث أبي موسى كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وروى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن رجلا عطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يرضى ربنا ويرضى والحمد لله على كل حال فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال من صاحب الكلمات فقال أنا يا رسول الله ما أردت بهن إلا خيرا فقال لقد رأيت اثنى عشر ملكا كلهم يبتدرونها أيهم يكتبها حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أن رجلا عطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه الحديث أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه وإسناده جيد وقال صلى الله عليه وسلم من عطس عنده فسبق إلى الحمد لم يشتك خاصرته حديث من عطس عنده فسبق إلى الحمد لم يشتك خاصرته أخرجه الطبراني في الأوسط وفي الدعاء من حديث علي بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإذا قال ها ها فإن الشيطان يضحك من جوفه حديث العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة دون قوله العطاس من الله فرواه الترمذي وحسنه والنسائي في اليوم والليلة وقال البخاري إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب الحديث وقال إبراهيم النخعي إذا عطس في قضاء الحاجة فلا بأس بأن يذكر الله وقال الحسن يحمد الله في نفسه وقال كعب قال موسى عليه السلام يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك فقال أنا جليس من ذكرني فقال فإنا نكون على حال نجلك أن نذكرك عليها كالجنابة والغائط فقال اذكرني على كل حال ومنها أنه إذا بلى بذي شر فينبغي أن يتحمله ويتقيه قال بعضهم خالص المؤمن مخالصة وخالق الفاجر مخالفة فإن الفاجر يرضى بالخلق الحسن في الظاهر وقال أبو الدرداء إنا لنبش في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم وهذا معنى المداراة وهي مع من يخاف شره قال الله تعالى ادفع بالتي هي أحسن السيئة قال ابن عباس في معنى قوله ويدرءون بالحسنة السيئة أي الفحش والأذى بالسلام والمداراة وقال في قوله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض قال بالرغبة والرهبة والحياء والمداراة وقالت عائشة رضي الله عنها استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائذنوا له فبئس رجل العشيرة هو فلما دخل ألان له القول حتى أن له عنده منزلة فلما خرج قلت له لما دخل قلت الذي قلت ثم ألنت له القول فقال يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه حديث عائشة استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له فبئس رجل العشيرة الحديث متفق عليه وفي الخبر ما وقى الرجل به عرضه فهو له صدقة حديث ما وقى المرء به عرضه فهو له صدقة أخرجه أبو يعلى وابن عدي من حديث جابر وضعفه وفي الأثر خالطوا الناس بأعمالكم وزايلوهم بالقلوب وقال محمد بن الحنفية رضي الله عنه ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله له منه فرجا ومنها أن يجتنب مخالطة الأغنياء ويختلط بالمساكين ويحسن إلى الأيتام كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين حديث اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد والترمذي من حديث عائشة وقال غريب وقال كعب الأحبار كان سليمان عليه السلام في ملكه إذا دخل المسجد فرأى مسكينا جلس إليه وقال مسكين جالس مسكينا وقيل ما كان من كلمة تقال لعيسى عليه السلام أحب إليه من أن يقال له يا مسكين وقال كعب الأحبار ما في القرآن من يا أيها الذين آمنوا فهو في التوراة يا أيها المساكين وقال عبادة بن الصامت إن للنار سبعة أبواب ثلاثة للأغنياء وثلاثة للنساء وواحد للفقراء والمساكين وقال الفضيل بلغني أن نبيا من الأنبياء قال يا رب كيف لي أن أعلم رضاك عني قال انظر كيف رضا المساكين عنك وقال صلى الله عليه وسلم إياكم ومجالسة الموتى قيل ومن الموتى يا رسول الله قال الأغنياء حديث إياكم ومجالسة الموتى قيل وما الموتى قال الأغنياء أخرجه الترمذي وضعفه والحاكم وصحح إسناده من حديث عائشة إياك ومجالسة الأغنياء وقال موسى إلهي أين أبغيك قال عند المكسره قلوبهم وقال صلى الله عليه وسلم لا تغبطن فاجرا بنعمة فإنك لا تدري إلى ما يصير بعد الموت فإن من ورائه طالبا حثيثا حديث لا تغبطن فاجرا بنعمة الحديث رواه البخاري في التاريخ والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وأما اليتيم فقال صلى الله عليه وسلم من ضم يتيما من أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة ألبتة حديث من ضم يتيما من أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة ألبتة أخرجه أحمد والطبراني من حديث مالك بن عمر وفيه علي بن زيد بن جدعان متكلم فيه وقال صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وهو يشير بأصبعيه حديث أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة أخرجه البخاري من حديث سهل بن سعد ومسلم من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم من وضع يده على رأس يتيم ترحما كانت له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة حديث من وضع يده على رأس يتيم ترحما كانت له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة أخرجه أحمد والطبراني بإسناد ضعيف من حديث أبي أمامة دون قوله ترحما ولابن حبان في الضعفاء من حديث ابن أبي أوفى من مسح يده على رأس يتيم رحمه له الحديث وقال صلى الله عليه وسلم خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه حديث خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة وفيه ضعف ومنها النصيحة لكل مسلم والجهد في إدخال السرور على قلبه قال صلى الله عليه وسلم المؤمن يحب للمؤمن كما يحب لنفسه حديث المؤمن يحب للمؤمن ما يحب لنفسه تقدم بلفظ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ولم أره بهذا اللفظ وقال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقال صلى الله عليه وسلم إن أحدكم مرآة أخيه فإذا رأى فيه شيئا فليمطه عنه حديث إن أحدكم مرآة أخيه الحديث رواه أبو داود والترمذي وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم من قضى حاجة لأخيه فكأنما خدم الله عمره حديث من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره أخرجه البخاري في التاريخ والطبراني والخرائطي كلاهما في مكارم الأخلاق من حديث أنس بسند ضعيف مرسلا وقال صلى الله عليه وسلم من أقر عين مؤمن أقر الله عينه يوم القيامة وقال صلى الله عليه وسلم من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين حديث من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين أخرجه الحاكم وصححه من حديث ابن عباس لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته وأشار بأصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين وللطبراني في الأوسط من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكافه عشر سنين وكلاهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم من فرج عن مؤمن مغموم أو أعان مظلوما غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة حديث من فرج عن مغموم أو أعان مظلوما غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن حبان في الضعفاء وابن عدي من حديث أنس بلفظ من أغاث ملهوفا وقال صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقيل كيف ينصره ظالما قال يمنعه من الظلم حديث انصر أخاك ظالما أو مظلوما الحديث متفق عليه من حديث أنس وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن أو أن يفرج عنه غما أو يقضي عنه دينا أو يطعمه من جوع حديث إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على المؤمن الحديث أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث ابن عمر بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم من حمى مؤمنا من منافق يعنته بعث الله إليه ملكا يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم وقال صلى الله عليه وسلم خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضر لعباد الله وخصلتان ليس فوقهما شيء من البر الإيمان بالله والنفع لعباد الله حديث خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضر بعباد الله الحديث ذكره صاحب الفردوس من حديث علي ولم يسنده ولده في مسنده وقال صلى الله عليه وسلم من لم يهتم للمسلمين فليس منهم حديث من لم يهتم للمسلمين فليس منهم أخرجه الحاكم من حديث حذيفة والطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر وكلاهما ضعيف وقال معروف الكرخي من قال كل يوم اللهم أرحم أمة محمد كتبه الله من الأبدال وفي رواية أخرى اللهم أصلح أمة محمد اللهم فرج عن أمة محمد كل يوم ثلاث مرات كتبه الله من الأبدال وبكى علي بن الفضيل يوما فقيل له ما يبكيك قال أبكي على من ظلمني إذا وقف غدا بين يدي الله تعالى وسئل عن ظلمه ولم تكن له حجة ومنها أن يعود مرضاهم فالمعرفة والإسلام كافيان في إثبات هذا الحق ونيل فضله وأدب العائد خفة الجلسة وقلة السؤال وإظهار الرقة والدعاء بالعافية وغض البصر عن عورات الموضع وعند الاستئذان لا يقابل الباب ويدق برفق ولا يقول أنا إذا قيل له من ولا يقول يا غلام ولكن يحمد ويسبح وقال صلى الله عليه وسلم تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده ويسأله كيف هو وتمام تحياتكم المصافحة وقال صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا قعد في مخارف الجنة حتى إذا قام وكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه حتى الليل حديث من عاد مريضا قعد في مخارف الجنة الحديث أخرجه أصحاب السنن والحاكم من حديث علي من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء الحديث لفظ ابن ماجه وصححه الحاكم وحسنه الترمذي ولمسلم من حديث ثوبان من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه حديث إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث جابر وقال انغمس فيها قال الحاكم صحيح على شرط مسلم وكذا صححه ابن عبد البر وذكره مالك في الموطأ بلاغا بلفظ قرت فيه ورواه الواقدي بلفظ استقر فيها وللطبراني في الصغير من حديث أنس فإذا قعد عنده غمرته الرحمة وله في الأوسط من حديث كعب بن مالك وعمرو بن حزم استنقع فيها وقال صلى الله عليه وسلم إذا عاد المسلم أخاه أوزاره قال الله تعالى طبت وطاب ممشاك وتبوأت منزلا في الجنة حديث إذا عاد المسلم أخاه أو زاره قال الله تعالى طبت وطاب ممشاك وتبوأت منزلا في الجنة أخرجه الترمذي و ابن ماجه من حديث أبي هريرة إلا أنه قال ناداه مناد قال الترمذي غريب قلت فيه عيسى بن سنان القسملي ضعفه الجمهور وقال صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد بعث الله تبارك وتعالى إليه ملكين فقال انظرا ماذا يقول لعواده فإن هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدل له لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفر عنه سيئاته حديث إذا مر ض العبد بعث الله تعالى ملكين فقال انظرا ما يقوله لعواده الحديث أخرجه مالك في الموطأ مرسلا من حديث عطاء بن يسار ووصله ابن عبد البر في التمهيد من روايته عن أبي سعيد الخدري وفيه عباد بن كثير الثقفي ضعيف الحديث وللبيهقي من حديث أبي هريرة قال الله تعالى إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أطلقته من أساري ثم أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثم يستأنف العمل وإسناده جيد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يصب منه حديث من يرد الله به خيرا يصب منه أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقال عثمان رضي الله عنه مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بسم الله الرحمن الرحيم أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد من شر ما تجد قالها مرارا حديث عثمان مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بسم الله الرحمن الرحيم أعيذك بالله الأحد الصمد الحديث أخرجه ابن السني في اليوم والليلة والطبراني والبيهقي في الأدعية من حديث عثمان بن عفان بإسناد حسن ودخل صلى الله عليه وسلم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو مريض فقال له قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك أو صبرا على بليتك أو خروجا من الدنيا إلى رحمتك فإنك ستعطى إحداهن حديث دخل على علي وهو مريض فقال قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض من حديث أنس بسند ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل وهو يشتكي ولم يسم عليا وروى البيهقي في الدعوات من حديث عائشة أن جبريل علمها للنبي صلى الله عليه وسلم وقال إن الله يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات ويستحب للعليل أيضا أن يقول أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا شكا أحدكم بطنه فليسأل امرأته شيئا من صداقها ويشتري به عسلا ويشربه بماء السماء فيجتمع له الهنىء والمرىء والشفاء والمبارك وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار قلت بلى يا رسول الله قال يقول لا إله إلا الله يحيى ويميت وهو حي لا يموت سبحان الله رب العباد والبلاد والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على كل حال الله أكبر كبيرا إن كبرياء ربنا وجلاله وقدرته بكل مكان اللهم إن أنت أمرضتني لتقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى حديث أبي هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار أخرجه ابن أبي الدنيا في الدعاء وفي المرض والكفارات وروي أنه قال صلى الله عليه وسلم عيادة المريض بعد ثلاث فواق ناقة حديث عيادة المريض فواق ناقة أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض من حديث أنس بإسناد فيه جهالة وقال طاوس أفضل العيادة أخفها وقال ابن عباس رضي الله عنهما عيادة المريض مرة سنة فما ازدادت فنافلة وقال بعضهم عيادة المريض بعد ثلاث وقال صلى الله عليه وسلم أغبوا في العيادة وأربعوا فيها حديث أغبوا في العيادة وأربعوا رواه ابن أبي الدنيا وفيه أبو يعلى من حديث جابر وزاد إلا أن يكون مغلوبا وإسناده ضعيف وجملة أدب المريض حسن الصبر وقلة الشكوى والضجر والفزع إلى الدعاء والتوكل بعد الدواء على خالق الدواء ومنها أن يشيع جنائزهم قال صلى الله عليه وسلم من شيع جنازة فله قيراط من الأجر فإن وقف حتى تدفن فله قيراطان حديث من تبع جنازة فله قيراط من الأجر فإن وقف حتى تدفن فله قيراطان أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة وفي الخبر القيراط مثل أحد حديث القيراط مثل جبل أحد أخرجه مسلم من حديث ثوبان وأبي هريرة وأصله متفق عليه ولما روى أبو هريرة هذا الحديث وسمعه ابن عمر قال لقد فرطنا إلى الآن في قراريط كثيرة والقصد من التشييع قضاء حق المسلمين والاعتبار وكان مكحول الدمشقي إذا رأى جنازة قال اغدوا فإنا رائحون موعظة بليغة وغفلة سريعة يذهب الأول والآخر لا عقل له وخرج مالك بن دينار خلف جنازة أخيه وهو يبكي ويقول والله لا تقر عيني حتى أعلم إلى ما صرت ولا والله لا أعلم ما دمت حيا وقال الأعمش كنا نشهد الجنائز فلا ندري لمن نعزي لحزن القوم كلهم ونظر إبراهيم الزيات إلى قوم يترحمون على ميت فقال لو ترحمون أنفسكم لكان أولى إنه نجا من أهوال ثلاث وجه ملك الموت قد رأى ومرارة الموت قد ذاق وخوف الخاتمة قد أمن وقال صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاث فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله حديث يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد أخرجه مسلم من حديث أنس ومنها أن يزور قبورهم والمقصود من ذلك الدعاء والاعتبار وترقيق القلب قال صلى الله عليه وسلم ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه حديث ما أريت منظرا إلا والقبر أفظع منه أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث عثمان وقال صحيح الإسناد وقال الترمذي حسن غريب وقال عمر رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى المقابر فجلس إلى قبر وكنت أدنى القوم منه فبكى وبكينا فقال ما يبكيكم قلنا بكينا لبكائك قال هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فأبى علي فأدركني ما يدرك الولد من الرقة حديث عمر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى المقابر فجلس إلى قبر الحديث في زيارته قبر أمه أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مختصرا وأحمد من حديث بريدة وفيه فقام إليه عمر ففداه بالأب والأم يقول يا رسول الله مالك الحديث وكان عمر رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعده أشد حديث عثمان بن عفان إن القبر أول منازل الآخرة الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصحح إسناده وقال مجاهد أول ما يكلم ابن آدم حفرته فتقول أنا بيت الدود وبيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الظلمة فهذا ما أعددت لك فما أعددت لي وقال أبو ذر ألا أخبركم بيوم فقري يوم أوضع في قبري كان أبو الدرداء يقعد إلى القبور فقيل له في ذلك فقال أجلس إلى قوم يذكرونني معادي وإن قمت عنهم لم يغتابوني وقال حاتم الأصم من مر بالمقابر فلم يتفكر لنفسه ولم يدع لهم فقد خان نفسه وخانهم وقال صلى الله عليه وسلم ما من ليلة إلا وينادي مناد يا أهل القبور من تغبطون قالوا نغبط أهل المساجد لأنهم يصومون ولا نصوم ويصلون ولا نصلي ويذكرون الله ولا نذكره حديث ما من ليلة إلا ينادي مناد يا أهل القبور من تغبطون فيقولون نغبط أهل المساجد الحديث لم أجد له أصلا وقال سفيان من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار وكان الربيع بين خيثم قد حفر في داره قبرا فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه فاضطجع فيه ومكث ساعة ثم قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ثم يقول يا ربيع قد أرجعت فاعمل الآن قبل أن لا ترجع وقال ميمون بن مهران خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة فلما نظر إلى القبور بكى وقال يا ميمون هذه قبور آبائي بني أمية كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات وأصاب الهوام من أبدانهم ثم بكى وقال والله ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن من عذاب الله وآداب المعزي خفض الجناح وإظهار الحزن وقلة الحديث وترك التبسم وآداب تشييع الجنازة لزوم الخشوع وترك الحديث وملاحظة الميت والتفكر في الموت والاستعداد له وأن يمشي أمام الجنازة بقربها والإسراع بالجنازة سنة حديث الإسراع بالجنازة متفق عليه من حديث أبي هريرة أسرعوا بالجنازة الحديث فهذه جمل آداب تنبه على آداب المعاشرة مع عموم الخلق والجملة الجامعة فيه أن لا تستصغر منهم أحدا حيا كان أو ميتا فتهلك لأنك لا تدري لعله خير منك فإنه وإن كان فاسقا فلعله يختم لك بمثل حاله ويختم له بالصلاح ولا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم فإن الدنيا صغيرة عند الله صغير ما فيها ومهما عظم أهل الدنيا في نفسك فقد عظمت الدنيا فتسقط من عين الله ولا تبذل لهم دينك لتنال من دنياهم فتصغر في أعينهم ثم تحرم دنياهم فإن لم تحرم كنت قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير ولا تعادهم بحيث تظهر العداوة فيطول الأمر عليك في المعاداة ويذهب دينك ودنياك فيهم ويذهب دينهم فيك إلا إذا رأيت منكرا في الدين فتعادي أفعالهم القبيحة وتنظر إليهم بعين الرحمة لهم لتعرضهم لمقت الله وعقوبته بعصيانهم فحسبهم جهنم يصلونها فمالك تحقد عليهم ولا تسكن إليهم في مودتهم لك وثنائهم عليك في وجهك وحسن بشرهم لك فإنك إن طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة إلا واحدا وربما لا تجده ولا تشك إليهم أحوالك فيكلك الله إليهم ولا تطمع أن يكونوا لك في الغيب والسر كما في العلانية فذلك طمع كاذب وأنى تظفر به ولا تطمع فيما في أيديهم فتستعجل الذل ولا تنال الغرض ولا تعل عليهم تكبرا لاستغنائك عنهم فإن الله يلجئك إليهم عقوبة على التكبر بإظهار الاستغناء وإذا سألت أخا منهم حاجة فقضاها فهو أخ مستفاد وإن لم يقض فلا تعاتبه فيصير عدوا تطول عليك مقاساته ولا تشتغل بوعظ من لا ترى فيه مخايل القبول فلا يسمع منك ويعاديك وليكن وعظك عرضا واسترسالا من غير تنصيص على الشخص ومهما رأيت منهم كرامة وخيرا فاشكر الله الذي سخرهم لك واستعذ بالله أن يكلك إليهم وإذا بلغك عنهم غيبة أو رأيت منهم شرا أو أصابك منهم ما يسوءك فكل أمرهم إلى الله واستعذ بالله من شرهم ولا تشغل نفسك بالمكافأة فيزيد الضرر ويضيع العمر بشغله ولا تقل لهم لم تعرفوا موضعي واعتقد أنك لو استحقيت ذلك لجعل الله لك موضعا في قلوبهم فالله المحبب والمبغض إلى القلوب وكن فيهم سميعا لحقهم أصم عن باطلهم نطوقا بحقهم صموتا عن باطلهم واحذر صحبة أكثر الناس فإنهم لا يقيلون عثرة ولا يغفرون زلة و لا يسترون عورة ويحاسبون على النقير والقطمير ويحسدون على القليل والكثير ينتصفون ولا ينصفون ويؤاخذون على الخطأ والنسيان ولا يعفون يغرون الإخوان على الإخوان بالنميمة والبهتان فصحبة أكثرهم خسران وقطيعتهم رجحان إن رضوا فظاهرهم الملق وإن سخطوا فباطنهم الحنق لا يؤمنون في حنقهم ولا يرجون في ملقهم ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب يقطعون بالظنون ويتغامزون وراءك بالعيون ويتربصون بصديقهم من الحسد ريب المنون يحصون عليك العثرات في صحبتهم ليواجهوك بها في غضبهم ووحشتهم ولا تعول على مودة من لم تخبره حق الخبرة بأن تصحبه مدة في دار أو موضع واحد فتجربه في عزله وولايته وغناه وفقره أو تسافر معه أو تعامله في الدينار والدرهم أو تقع في شدة فتحتاج إليه فإن رضيته في الأحوال فاتخذه أبا لك إن كان كبيرا أو ابنا لك إن كان صغيرا أو أخاك إن كان مثلك فهذه جملة آداب المعاشرة مع أصناف الخلق حقوق الجوار اعلم أن الجوار يقضي حقا وراء ما تقتضيه أخوة الإسلام فيستحق الجار المسلم ما يستحقه كل مسلم وزيادة إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم الجيران ثلاثة جار له حق واحد وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق فالجار الذي له ثلاثة حقوق الجار المسلم ذو الرحم فله حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم وأما الذي له حقان فالجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام وأما الذي له حق واحد فالجار المشرك حديث الجيران ثلاثة جار له حق وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق الحديث أخرجه الحسن بن سفيان والبزار في مسنديهما وأبو الشيخ في كتاب الثواب وأبو نعيم في الحلية من حديث جابر و ابن عدي من حديث عبد الله بن عمر وكلاهما ضعيف فانظر كيف أثبت للمشرك حقا بمجرد الجوار وقد قال صلى الله عليه وسلم أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما حديث أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما تقدم وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه حديث مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق عليه من حديث عائشة وابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره حديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره متفق عليه من حديث أبي شريح وقال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه حديث لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه أخرجه البخاري من حديث أبي شريح أيضا وقال صلى الله عليه وسلم أول خصمين يوم القيامة جاران حديث أول خصمين يوم القيامة جاران أخرجه أحمد والطبراني من حديث عقبة بن عامر بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته حديث إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته لم أجد له أصلا ويروى أن رجلا جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له إن لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيق علي فقال اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها فقال صلى الله عليه وسلم هي في النار حديث إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها فقال هي في النار أخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإسناد وجاء رجل إليه صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اصبر ثم قال له في الثالثة أو الرابعة اطرح متاعك في الطريق قال فجعل الناس يمرون به ويقولون مالك فيقال آذاه جاره قال فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال له رد متاعك فوالله لا أعود حديث جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال اصبر ثم قال له في الثالثة أو الرابعة اطرح متاعك على الطريق الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح على شرط مسلم وروى الزهري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يشكو جاره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي على باب المسجد ألا إن أربعين دارا جار حديث الزهري ألا إن أربعين دارا جار أخرجه أبو داود في المراسيل ووصله الطبراني من رواية الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه ورواه أبو يعلى من حديث أبي هريرة وقال أربعون ذراعا وكلاهما ضعيف قال الزهري أربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأومأ إلى أربع جهات وقال صلى الله عليه وسلم اليمن والشؤم في المرأة والمسكن والفرس فيمن المرأة خفة مهرها ويسر نكاحها وحسن خلقها وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها ويمن المسكن سعته وحسن جوار أهله وشؤمه ضيقه وسوء جوار أهله ويمن الفرس ذله وحسن خلقه وشؤمه صعوبته وسوء خلقه حديث اليمن والشؤم في المرأة والمسكن والفرس فيمن المرأة خفة مهرها الحديث أخرجه مسلم من حديث ابن عمر الشؤم في الدار والمرأة والفرس وفي رواية له إن يك من الشؤم شيء حقا وله من حديث سهل بن سعد إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن وللترمذي من حديث حكيم بن معاوية لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس ورواه ابن ماجه فسماه محمد بن معاوية وللطبراني من حديث أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله ما سوء الدار قال ضيق ساحتها وخبث جيرانها قيل فما سوء الدابة قال منعها ظهرها وسوء خلقها قيل فما سوء المرأة قال عقم رحمها وسوء خلقها وكلاهما ضعيف ورويناه في كتاب الخيل للدمياطي من رواية سالم بن عبد الله مر سلا إذا كان الفرس ضروبا فهو مشئوم وإذا كانت المرأة قد عرفت زوجا قبل زوجها فحنت إلى الزوج الأول فهي مشئومة وإذا كانت الدار بعيدة من المسجد لا يسمع فيها الأذان والإقامة فهي مشئومة وإسناده ضعيف ووصله صاحبمسند الفردوس بذكر ابن عمر فيه واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى فإن الجار أيضا قد كف أذاه فليس في ذلك قضاء حق ولا يكفي احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف إذ يقال إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة فيقول يارب سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني وبلغ ابن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه وكان يجلس في ظل داره فقال ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما فدفع إليه ثمن الدار وقال لا تبعها وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره فقيل له لو اقتنيت هرا فقال أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي وجملة حق الجار أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلام ولا يكثر عن حاله السؤال ويعوده في المرض ويعزيه في المصيبة ويقوم معه في العزاء ويهنئه في الفرح ويظهر الشركة في السرور معه ويصفح عن زلاته ولا يتطلع من السطح إلى عوراته ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره ولا في مصب الماء في ميزابه ولا في مطرح التراب في فنائه ولا يضيق طرقه إلى الدار ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره ويستر ما ينكشف له من عوراته وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ولا يسمع عليه كلاما ويغض بصره عن حرمته ولا يديم النظر إلى خادمته ويتلطف بولده في كلمته ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه هذا إلى جملة الحقوق التي ذكرناها لعامة المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فأهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ثم قال أتدرون ما حق الجار والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استقرضك أقرضته الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عدي في الكامل وهو ضعيف هكذا رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مجاهد كنت عند عبد الله بن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي حتى قال ذلك مرارا فقال له كم تقول هذا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه حديث مجاهد كنت عند عبد الله ابن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب وقال هشام كان الحسن لا يرى بأسا أن تطعم الجار اليهودي والنصراني من أضحيتك وقال أبو ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم وقال إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل بيت في جيرانك فاغرف لهم منها حديث أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق ثم انظر بعض أهل بيت من جيرانك فاغرف لهم منها رواه مسلم وقالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله إن لي جارين أحدهما مقبل على بابه والآخر ناء ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما فأيهما أعظم حقا فقال المقبل عليك ببابه حديث عائشة قلت يا رسول الله إن لي جارين الحديث رواه البخاري ورأى الصديق ولده عبد الرحمن وهو يناصي جارا له فقال لا تناص جارك فإن هذا يبقى والناس يذهبون وقال الحسن بن عيسى النيسابوري سألت عبد الله بن المبارك فقلت الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمرا والغلام ينكره فأكره أن أضربه ولعله برىء وأكره أن أدعه فيجد على جاري فكيف أصنع قال إن غلامك لعله أن يحدث حدثا يستوجب فيه الأدب فاحفظه عليه فإذا شكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث فتكون قد أرضيت جارك وأدبته على ذلك الحدث وهذا تلطف في الجمع بين الحقين وقالت عائشة رضي الله عنها خلال المكارم عشر تكون في الرجل ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله تعالى لمن أحب صدق الحديث وصدق الناس وإعطاء السائل والمكافأة بالصنائع وصلة الرحم وحفظ الأمانة والتذمم للجار والتذمم للصاحب وقرى الضيف ورأسهن الحياء وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة حديث أبي هريرة يا نساء المسلمين لا تحقرن جارة لجرتها ولو فرسن شاة رواه البخاري قال صلى الله عليه وسلم إن من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهني حديث إن من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء رواه أحمد من حديث نافع بن عبد الحارث وسعد بن أبي وقاص وحديث نافع أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد وقال عبد الله قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت حديث عبد الله قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت رواه أحمد والطبراني وعبد الله هو ابن مسعود وإسناده جيد وقال جابر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه حديث جابر من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه أخرجه ابن ماجه والحاكم دون ذكر الجار وقال صحيح الإسناد وهو عند الخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظ المصنف ولابن ماجه من حديث ابن عباس من كانت له أرض فأراد أن يبيعها فليعرضها على جاره ورجاله رجال الصحيح وقال أبو هريرة رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذعه في حائط جاره شاء أم أبى حديث أبي هريرة قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذعه في حائط جاره شاء أم أبى رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق هكذا وهو متفق عليه بلفظ لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في حائطه رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف واتفق عليه الشيخان من حديث أبي هريرة وقال ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمينها بين أكنافكم وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب ذلك وقال صلى الله عليه وسلم من أراد الله به خيرا عسله قيل وما عسله قال يحببه إلى جيرانه حديث من أراد الله به خيرا عسله رواه أحمد من حديث أبي عتبة الخولاني ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الزهد من حديث عمرو بن الحمق زاد الخرائطي قيل وما عسله قال حببه إلى جيرانه وقال البيهقي يفتح له عملا صالحا قبل موته حتى يرضى عنه من حوله وإسناده جيد حقوق الأقارب والرحم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى أنا الرحمن وهذه الرحم شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته حديث يقول الله أنا الرحمن وهذه الرحم الحديث متفق عليه من حديث عائشة وقال صلى الله عليه وسلم من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع عليه في رزقه فليصل رحمه حديث من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه متفق عليه من حديث أنس دون قوله فليتق الله وهو بهذه الزيادة عند أحمد والحاكم من حديث علي بإسناد جيد وفي رواية أخرى من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل قال أتقاهم لله وأوصلهم لرحمه وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر حديث أي الناس أفضل فقال أتقاهم لله وأوصلهم للرحم رواه أحمد والطبراني من حديث درة بنت أبي لهب بإسناد حسن وقال أبو ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي عليه السلام بصلة الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا حديث أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا رواه أحمد وابن حبان وصححه وقال صلى الله عليه وسلم إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها حديث إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو وهو عند البخاري دون قوله الرحم معلقة بالعرش فرواها مسلم من حديث عائشة وقال صلى الله عليه وسلم إن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونون فجارا فتنموا أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا أرحامهم حديث أعجل الطاعات ثوابا صلة الرحم الحديث أخرجه ابن حبان من حديث أبي بكرة والخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند ضعيف وقال زيد بن أسلم لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عرض له رجل فقال إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج فقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد منعني من بني مدلج بصلتهم الرحم حديث زيد بن أسلم لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عرض له رجل فقال إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج فقال إن الله منعني من بني مدلج بصلتهم الرحم رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وزاد وطعنهم في لبات الإبل وهو مرسل صحيح الإسناد وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قدمت علي أمي فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة أفأصلها قال نعم حديث أسماء بنت أبي بكر قدمت علي أمي فقلت يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة أفأصلها قال نعم صليها متفق عليه وفي رواية أفأعطيها قال نعم صليها وقال صلى الله عليه وسلم الصدقة على المساكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان حديث الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه من حديث سلمان ابن عامر الضبي ولما أراد أبو طلحة أن يتصدق بحائط كان له يعجبه عملا بقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون حديث لما أراد أبو طلحة أن يتصدق بحائط له كان يعجبه عملا بقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون الحديث أخرجه البخاري وقد تقدم قال يا رسول الله هو في سبيل الله وللفقراء والمساكين فقال صلى الله عليه وسلم وجب أجرك على الله قسمه في أقاربك وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح حديث أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح أخرجه أحمد والطبراني من حديث أبي أيوب وفيه الحجاج بن أرطأة ورواه البيهقي من حديث أم كثلوم بنت عقبة وهو في معنى قوله أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن ظلمك حديث أفضل الفضائل أن تصل من قطعك الحديث أخرجه أحمد من حديث معاذ بن أنس بسند ضعيف وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة وقد تقدم وروي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عماله مروا الأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا وإنما قال ذلك لأن التجاور يورث التزاحم على الحقوق وربما يورث الوحشة وقطيعة الرحم حقوق الوالدين والولد لا يخفى أنه إذا تأكد حق القرابة والرحم فأخص الأرحام وأمسها الولادة فيتضاعف تأكد الحق فيها وقد قال صلى الله عليه وسلم لن يجزى ولد والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه حديث لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقد قال صلى الله عليه وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصدقة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله حديث بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد لم أجده هكذا وروى أبو يعلى والطبراني في الصغير والأوسط من حديث أنس أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال أمي قال قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد وإسناده حسن وقد قال صلى الله عليه وسلم من أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة ومن أمسى فمثل ذلك وإن كان واحدا فواحدا وإن ظلما وإن ظلما وإن ظلما ومن أصبح مسخطا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار ومن أمسى مثل ذلك وإن كان واحدا فواحدا وإن ظلما وإن ظلما وإن ظلما حديث من أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس ولا يصح وقال صلى الله عليه وسلم إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم حديث إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم أخرجه الطبراني في الصغير من حديث أبي هريرة دون ذكر القاطع وهي في الأوسط من حديث جابر إلا أنه قال من مسيرة ألف عام وإسنادهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك حديث بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك أخرجه النسائي من حديث طارق المحاربي وأخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي رمثة ولأبي داود نحوه من حديث كليب بن منفعة عن جده وله وللترمذي والحاكم وصححه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده من أثر قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال رجل من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك لفظ مسلم ويروى أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام يا موسى إنه من بر والديه وعقني كتبته بارا ومن برني وعق والديه كتبته عاقا وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم يقم له فأوحى الله إليه أتتعاظم أن تقوم لأبيك وعزتي وجلالي لا أخرجت من صلبك نبيا وقال صلى الله عليه وسلم ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ويكون له مثل أجورهما من غير أن ينقص من أجورهما شيء حديث ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند ضعيف دون قوله إذا كانا مسلمين وقال مالك بن ربيعة بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما حديث مالك بن ربيعة بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل من بني سلمة فقال هل بقي علي من بر أبوي شيء الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد وقال صلى الله عليه وسلم إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب حديث إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه أخرجه مسلم من حديث ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم بر الوالدة على الولد ضعفان حديث بر الوالدة على الولد ضعفان غريب بهذا اللفظ وقد تقدم قبل هذا بثلاثة أحاديث من حديث بهز بن حكيم وحديث أبي هريرة وهو معنى هذا الحديث وقال صلى الله عليه وسلم دعوة الوالدة أسرع إجابة قيل يا رسول الله ولم ذاك قال هي أرحم من الأب ودعوة الرحم لا تسقط حديث دعوة الوالدة أسرع إجابة الحديث لم أقف له على أصل وسأله رجل فقال يا رسول الله من أبر فقال بر والديك فقال ليس لي والدان فقال بر ولدك كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق حديث قال رجل يا رسول الله من أبر قال بر والديك فقال ليس لي والدان فقال ولدك فكما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق أخرجه أبو عمر النوقاتي في كتاب معاشرة الأهلين من حديث عثمان بن عفان دون قوله فكما أن لوالديك إلخ وهذه القطعة رواها الطبراني من حديث ابن عمر قال الدارقطني في العلل أن الأصح وقفه على ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم رحم الله والدا أعان ولده على بره حديث رحم الله والدا أعان ولده على بره أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعيف ورواه النوقاتي من رواية الشعبي مرسلا أي لم يحمله على العقوق بسوء عمله وقال صلى الله عليه وسلم ساووا بين أولادكم في العطية وقد قيل ولدك ريحانتك تشمها سبعا وخادمك سبعا ثم هو عدوك أو شريكك وقال أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ تسع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة ضرب على الصلاة فإذا بلغ ست عشرة سنة زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الآخرة حديث أنس الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاثة عشر ضرب على الصلاة والصوم فإذا بلغ ستة عشر زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الآخرة أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الضحايا والعقيقة إلا أنه قال وأدبوه لسبع وزوجوه لسبع عشرة ولم يذكر الصوم وفي إسناده من لم يسم وقال صلى الله عليه وسلم من حق الوالد على الولد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه حديث من حق الولد على الوالد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس وحديث عائشة وضعفهما وقال صلى الله عليه وسلم كل غلام رهين أو رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه حديث كل غلام رهين أو رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه أخرجه أصحاب السنن من حديث سمرة قال الترمذي حسن صحيح وقال قتادة إذا ذبحت العقيقة أخذت صوفة منها فاستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل عنه مثل الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق بعد وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فشكا إليه بعض ولده فقال هل دعوت عليه قال نعم قال أنت أفسدته ويستحب الرفق بالولد رأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال صلى الله عليه وسلم إن من لا يرحم لا يرحم حديث رأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال من لا يرحم لا يرحم أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقالت عائشة رضي الله عنها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب يدي ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ثم قال قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية حديث عائشة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب بيدي ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ثم قال قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية لم أجده هكذا ولأحمد من حديث عائشة أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمصه ويقول لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى أنفقها وإسناده صحيح وتعثر الحسن والنبي صلى الله عليه وسلم على منبره فنزل فحمله وقرأ قوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة حديث عثر الحسن وهو على منبره صلى الله عليه وسلم فنزل فحمله وقرأ قوله تعالى إنما أموالكم وأولادكم فتنة أخرجه أصحاب السنن من حديث بريدة في الحسن والحسين معا يمشيان ويعثران قال الترمذي حسن غريب وقال عبد الله بن شداد بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر فلما قضى صلاته قالوا قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال إن ابني قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته حديث عبد الله بن شداد بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاء الحسن فركب عنقه رواه النسائي من رواية عبد الله بن شداد عن أبيه وقال فيه الحسن أو الحسين على الشك ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وفي ذلك فوائد إحداها القرب من الله تعالى فإن العبد أقرب ما يكون من الله تعالى إذا كان ساجدا وفيه الرفق بالولد والبر وتعليم لأمته وقال صلى الله عليه وسلم ريح الولد من ريح الجنة حديث ريح الولد من ريح الجنة أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط وابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عباس وفيه مندل بن علي ضعيف وقال يزيد بن معاوية أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس فلما وصل إليه قال له يا أبا بحر ما تقول في الولد قال يا أمير المؤمنين ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول على كل جليلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فارضهم يمنحوك ودهم ويحبوك جهدهم ولا تكن عليهم ثقلا ثقيلا فيملوا حياتك ويودوا وفاتك ويكرهوا قربك فقال له معاوية لله أنت يا أحنف لقد دخلت علي وأنا مملوء غضبا وغيظا على يزيد فلما خرج الأحنف من عنده رضي عن يزيد وبعث إليه بمائتي ألف درهم ومائتي ثوب فأرسل يزيد إلى الأحنف بمائة ألف درهم ومائة ثوب فقاسمه إياها على الشطر فهذه هي الأخبار الدالة على تأكد حق الوالدين وكيفية القيام بحقهما تعرف مما ذكرناه في حق الأخوة فإن هذه الرابطة آكد من الأخوة بل يزيد ههنا أمران أحدهما أن أكثر العلماء على أن طاعة الأبوين واجبة في الشبهات وإن لم تجب في الحرام المحض حتى إذا كانا يتنغصان بأنفرادك عنهما بالطعام فعليك أن تأكل معهما لأن ترك الشبهة ورع ورضا الوالدين حتم وكذلك ليس لك أن تسافر في مباح أو نافلة إلا بإذنهما والمبادرة إلى الحج الذي هو فرض الإسلام نفل لأنه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل إلا إذا كنت تطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن في بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء في بلد ليس فيها من يعلمه شرع الإسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين قال أبو سعيد الخدري هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم هل باليمن أبواك قال نعم قال هل أذنا لك قال لا فقال صلى الله عليه وسلم فارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن فعلا فجاهد وإلا فبرهما ما استطعت فإن ذلك خير ما تلقى الله به بعد التوحيد حديث أبي سعيد الخدري هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم باليمن أبواك قال نعم الحديث أخرجه أحمد وابن حبان دون قوله ما استطعت إلخ وجاء آخر إليه صلى الله عليه وسلم ليستشيره في الغزو فقال ألك والدة قال نعم قال فالزمها فإن الجنة عند رجليها حديث جاء آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره في الغزو فقال ألك والدة فقال نعم قال فالزمها فإن الجنة تحت قدمها أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم من حديث معاوية بن جاهمة أن جاهمة أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال الحاكم صحيح الإسناد وجاء آخر يطلب البيعة على الهجرة وقال ما جئتك حتى أبكيت والدي فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما حديث جاء آخر فقال ما جئتك حتى أبكيت والدي فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وقال صحيح الإسناد وقال صلى الله عليه وسلم حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد عن ولده حديث حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث أبي هريرة ورواه أبو داود في المراسيل من رواية سعيد بن عمرو ابن العاص مرسلا ووصله صاحب مسند الفردوس فقال عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد بن العاص وإسناده ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم إذا استصعبت على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه حديث إذا استصعب على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه حقوق المملوك اعلم أن ملك النكاح قد سبقت حقوقه في آداب النكاح فأما ملك اليمين فهو أيضا يقتضي حقوقا في المعاشرة لا بد من مراعاتها فقد كان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون فما أحببتم فأمسكوا وما كرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم حديث كان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون الحديث إلخ وهو مفرق في عدة أحاديث فروى أبو داود من حديث علي كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم وفي الصحيحين من حديث أنس كان آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ولهما من حديث أبي ذر أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتوهم فأعينوهم لفظ رواية مسلم وفي رواية لأبي داود من يلايمكم من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ومن لا يلايمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله تعالى وإسناده صحيح وقال صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق حديث للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة خب ولا متكبر ولا خائن ولا سيئ الملكة حديث لا يدخل الجنة خب ولا متكبر ولا خائن ولا سيئ الملكة أخرجه أحمد مجموعا والترمذي مفرقا وابن ماجه مقتصرا على سيئ الملكة من حديث أبي بكر وليس عند أحد منهم متكبر وزاد أحمد والترمذي البخيل والمنان وهو ضعيف وحسن الترمذي أحد طريقيه وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت عنه رسول الله ??? ???? ???? ???? ثم قال اعف عنه في كل يوم سبعين مرة حديث ابن عمر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت ثم قال اعف عنه كل يوم سبعين مرة أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح غريب وكان عمر رضي الله عنه يذهب إلى العوالي في كل يوم سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه منه ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه رأى رجلا على دابته وغلامه يسعى خلفه فقال له يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك روحه مثل روحك فحمله ثم قال لا يزال العبد يزداد من الله بعدا ما مشى خلفه وقالت جارية لأبي الدرداء إني سممتك منذ سنة فما عمل فيك شيئا فقال لم فعلت ذلك فقالت أردت الراحة منك فقال اذهبي فأنت حرة لوجه الله وقال الزهري متى قلت للمملوك أخزاك الله فهو حر وقيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم قال من قيس بن عاصم قيل فما بلغ من حلمه قال بينما هو جالس في داره إذا أتته خادمة له بسفود عليه شواء فسقط السفود من يدها على ابن له فعقره فمات فدهشت الجارية فقال ليس يسكن روع هذه الجارية إلا العتق فقال لها أنت حرة لا بأس عليك وكان عون ابن عبد الله إذا عصاه غلامه قال ما أشبهك بمولاك مولاك يعصي مولاه وأنت تعصي مولاك فأغضبه يوما فقال إنما تريد أن أضربك اذهب فأنت حر وكان عند ميمون بن مهران ضيف فاستعجل على جاريته بالعشاء فجاءت مسرعة ومعها قصعة مملوءة فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون فقال يا جارية أحرقتني قالت يا معلم الخير ومؤدب الناس ارجع إلى ما قال الله تعالى قال وما قال الله تعالى قالت قال والكاظمين الغيظ قال قد كظمت غيظي قالت والعافين عن الناس قال قد عفوت عنك قالت زد فإن الله تعالى يقول والله يحب المحسنين قال أنت حرة لوجه الله تعالى وقال ابن المنكدر إن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عبدا له فجعل العبد يقول أسألك بالله أسألك بوجه الله فلم يعفه فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح العبد فانطلق إليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك يده فقال رسول الله سألك بوجه الله فلم تعفه فلما رأيتني أمسكت يدك قال فإنه حر لوجه الله يا رسول الله فقال لو لم تفعل لسفعت وجهك النار حديث ابن المنكدر أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عبدا له فجعل العبد يقول أسألك بالله أسألك بوجه الله فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح العبد الحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد مرسلا وفي رواية لمسلم في حديث أبي مسعود الآتي ذكره فجعل يقول أعوذ بالله قال فجعل يضربه فقال أعوذ برسول الله فتركه وفي رواية له فقلت هو حر لوجه الله فقال أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار وقال صلى الله عليه وسلم العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين حديث إذا نصح العبد لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين متفق عليه من حديث ابن عمر ولما أعتق أبو رافع بكى وقال كان لي أجران فذهب أحدهما وقال صلى الله عليه وسلم عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده وعفيف متعفف ذو عيال وأول ثلاثة يدخلون النار أمير مسلط وذو ثروة لا يعطي حق الله وفقير فخور حديث عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن وابن حبان من حديث أبي هريرة وعن أبي مسعود الأنصاري قال بينا أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من خلفي اعلم يا أبا مسعود مرتين فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقيت السوط من يدي فقال والله لله أقدر عليك منك على هذا حديث أبي مسعود الأنصاري بينا أنا أضرب غلاما لي سمعت صوتا من خلفي اعلم أبا مسعود مرتين الحديث رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم إذا ابتاع أحدكم الخادم فليكن أول شيء يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه حديث معاذ إذا ابتاع أحدكم الخادم فليكن أول شيء يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه أخرجه الطبراني في الأوسط والخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف رواه معاذ وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول صلى الله عليه وسلم الله إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فليجلسه وليأكل معه فإن لم يفعل فليناوله لقمة حديث أبي هريرة وليأكل معه فإن أبىفليناوله وفي رواية إذا كفى أحدكم مملوكه صنعة طعامه الحديث متفق عليه مع اختلاف لفظ وهو في مكارم الأخلاق للخرائطي باللفظين اللذين ذكرهما المصنف غير أنه لم يذكر علاجه وهذه اللفظة عند البخاري وفي رواية إذا كفى أحدكم مملوكه صنعة طعامه فكفاه حره ومؤنته وقربه إليه فليجلسه وليأكل معه فإن لم يفعل فليناوله أو ليأخذ أكلة فليروغها وأشار بيده وليضعها في يده وليقل كل هذه ودخل على سلمان رجل وهو يعجن فقال يا أبا عبد الله ما هذا فقال بعثنا الخادم في شغل فكرهنا أن نجمع عليه عملين وقال صلى الله عليه وسلم من كانت عنده جارية فصانها وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها فذلك له أجران حديث من كانت عنده جارية فعالها وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها فذلك له أجران متفق عليه من حديث أبي موسى وقد قال صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته حديث كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته متفق عليه من حديث ابن عمر وقد تقدم فجملة حق المملوك أن يشركه في طعمته وكسوته ولا يكلفه فوق طاقته ولا ينظر إليه بعين الكبر والازدراء وأن يعفو عن زلته ويتفكر عند غضبه عليه بهفوته أو بجنايته في معاصيه وجنايته على حق الله تعالى وتقصيره في طاعته مع أن قدرة الله عليه فوق قدرته وروى فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يسئل عنهم رجل فارق الجماعة ورجل عصى إمامه فمات عاصيا فلا يسأل عنهما وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلا يسأل عنها وثلاثة لا يسأل عنهم رجل ينازع الله رداءه ورداؤه الكبرياء وإزاره العز ورجل في شك من الله وقنوط من رحمة الله حديث فضالة بن عبيد ثلاثة لا يسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا الحديث أخرجه الطبراني وصححه تم كتاب آداب الصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق.